سمير القنطار شهيداً: الحساب المفتوح | "لم أعُد من فلسطين إلا لكي أعود إلى فلسطين"، كانت هذه العبارة في ١٧ تموز ٢٠٠٨ الخط البياني الذي رسمه سمير القنطار لنفسه بعد ٣٠ عاماً من الأسر في سجون العدو الصهيوني. سيقال الكثير في المقبل من الأيام عما فعله سمير لكي يرسم طريق العودة الى فلسطين من جديد، الطريق التي سلكها في زورق مطاطي صغير من بحر مدينة صور الى مغتصبة نهاريا التي تحررت في ليلة ٢٢ نيسان ١٩٧٩. نعم لا يهم كم من الوقت بقي شاطئ نهاريا حراً في تلك الليلة، لكن المهم أن سمير القنطار رفع حينها راية فلسطين عاليه خفاقة، في أرض محررة بدماء جسده الذي اخترقته سبع رصاصات ودماء مهنا المؤيد وعبد المجيد أصلان، شهيدَي عملية جمال عبد الناصر.
أدوار عدة رسمت له قبل تحرره وبعدما عاد منتصراً مع أسرى الوعد الصادق في عملية الرضوان، التي لم تكن لتتم لولا ملحمة المقاومة الإسلامية في عام ٢٠٠٦ وحربها الأشرس في وجه العدو، والتي قُدم فيها أغلى قربان دم على مذبح الكرامة والحريّة، وتنفيذاً للعهد والوعد الأصدق لسيد المقاومة حسن نصرالله "نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون".
كان سمير واضحاً في خياراته: لن أتقاعد! قالها بوضوح لكل من سأله عن مستقبل حياته بعد الأسر.
سبع سنوات في رحاب الحرية، كان سمير فيها منخرطاً بكليته في العمل المقاوم داخل لبنان. وحين لاحت بشائر تأسيس جبهة مقاومة في الجولان السوري المحتل، كان أول الوافدين. هناك، في حَضَر وعين التينة وعلى طول خط وقف إطلاق النار منذ عام ١٩٧٤، سُمع دويّ الرصاص مجدداً، وذاق العدو طعماً جديداً من المرارة ستكشف بالصوت والصورة في يوم من الأيام. ولأن العدو الإسرائيلي يعرف عدوه أيضاً، كان سمير القنطار على رأس لائحة أهدافه الساخنة. ست مرات حاول اغتياله بغارات صاروخية وعبوات ناسفة، بالرصد والمراقبة والترصد الأمني والعسكري في لبنان وسوريا، الى أن كانت العملية الجبانة ليل أول من أمس في جرمانا.
سمير القنطار عاد الى فلسطين من سوريا؟ نعم. نقولها بالفم الملآن: لقد عاد.
سمير القنطار عاد الى فلسطين مع كل طفل يرشق حجراً، مع كل مقاوم يطعن بسكين ويبتسم لسجّانه عند النطق عليه بالحكم المؤبد.
سمير عاد الى فلسطين مع الدماء الزكية التي تسقط في مواجهة الاٍرهاب التكفيري في سوريا، صديق إسرائيل وأذنابها في ممالك الرمال، وجيش لحدها في الشام التي ستكنس أعداء التاريخ الذين لن يجدوا لهم موطئ قدم في مستقبلنا.
سمير القنطار عاد الى فلسطين مع بذور المقاومة التي زرعها في القنيطرة، وستزهر وتثمر في الجولان.
الوطن أو الموت... سننتصر ولن يغلق الحساب! المجرمون سيدفعون الثمن وهم يعرفون ذلك جيداً.