سمير القنطار شهيداً: الحساب المفتوح | في بلاد الأرز، لا مكان لسيَر المقاومين والمناضلين، ولا يستأهل المناضل الشهيد سمير القنطار مساحات إعلامية تخصصها المحطات المحلية له. خبر استشهاد القنطار في جرمانا (ريف دمشق) مساء أول من أمس، جاء عابراً وهامشياً. أكملت القنوات اللبنانية برمجتها المعتادة (بإستثناء «المنار» التي فتحت هواءها لإستقبال محللين وسياسيين للوقوف على الحدث وتحليله)، ومرّت مرور الكرام على الجريمة في مواجزها الإخبارية أو برامجها السياسية الصباحية، فيما تعاطى معه الإعلام الفضائي، ولا سيما الخليجي منه، على نحو مسيّس من خلال الربط الدائم بالحرب السورية ومتفرعاتها الأمنية والسياسية. وحدها قناة «الميادين» أولت إهتماماً لافتاً لهذا الإستشهاد من خلال تقاريرها وتغطيتها الميدانية الحيّة من جرمانا للوقوف على ملابسات ما حدث، وتأكيد مراسلها أنّ جرمانا «منطقة سكنية بإمتياز ولا مكان فيها لأي مواقع عسكرية».
وحدها قناة «الميادين» أولت اهتماماً لافتاً للاستشهاد من خلال تقاريرها وتغطيتها
الصور الأولى لانهيار المبنى بشكل كامل الذي استشهد فيه القنطار بثتها «الإخبارية السورية». بعدها، بدأ الإعلام الخليجي يبثّ سمومه ويبرّر الجريمة. أوردت «العربية» خبراً عاجلاً على شاشتها يفيد بأن المبنى المستهدف يضم خلايا تنظيمية لـ «حزب الله»، ووصفت عميد الأسرى المحررين بـ «الناشط في صفوف حزب الله» و«المعتقل اللبناني السابق في السجون الإسرائيلية»، وركزت في تغطيتها على الرد المحتمل للحزب. استضافت القناة السعودية لقمان سليم مدير مركز «أمم للأبحاث والتوثيق» ـــــ الضيف الدائم في أحداث مشابهة ـــــ الذي قّلل من أهمية إغتيال القنطار ووسع بيكار تحليلاته لتشمل العلاقات «الروسية/ الإسرائيلية /الحزبلاهية» كما سماها، في غمز من قناة روسيا التي نشرت في سوريا أخيراً منظومة دفاع صاروخية S400 ولم تستطع ردع الطائرات الصهيونية من الغارة على منطقة قرب دمشق. سليم وضع هذه العملية في تحليل منحاز ضمن «بتر كل الأذرع التي يحاول حزب الله أن يمدّها الى الجولان السوري»!
بدورها، لم تبتعد قناة «سكاي نيوز عربية» كثيراً عن أجواء زميلتها «العربية»، فأسبغت صفة «الناشط» على القنطار، وأوردت الخبر على موقعها الإلكتروني في صيغة تجهيل للجهة التي اعتقلته لأكثر من 30 عاماً، فقالت «مقتل الناشط اللبناني سمير القنطار (..) وأثار تساؤلات عن الدور الذي يؤديه في الحرب الدائرة هناك، وخاصة بعد إنضمامه الى الحزب في أعقاب الإفراج عنه».
قناة «الجزيرة» لم تجد في كل هذه المشهدية، سوى الإصطياد بماء وكالة «سانا» السورية التي وصفت الغارة بـ «المعادية» من دون أن تذكر الجهة. القناة القطرية أخذت هذه الجزئية وبنت عليها خبرها، فأوردت «نظام دمشق يؤكد مقتل القنطار دون إتهام إسرائيل».