سمير القنطار شهيداً: الحساب المفتوح | بينما أطبق شبه صمت على المسؤولين الإسرائيليين حتى مساء أمس حيال عملية الاغتيال وتقديرات تل أبيب لما بعدها، تولت وسائل الإعلام العبرية التغطية بصورة لافتة، وانشغل خبراؤها بمرحلة ما بعد الاغتيال، لافتين إلى ضرورة أن يعي الإسرائيليون أن مقبل الأيام قد يكون سيئاً للغاية. رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو امتنع، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، عن التطرق إلى عملية اغتيال القنطار، وتحدث فقط عن عمليات الطعن التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع الإسهاب في التعليق على عملية الطعن، أول من أمس، في مدينة رعنانا في شمال فلسطين المحتلة. وسائل الإعلام العبرية رأت في امتناعه عن التعليق تعبيراً عن سياسة متخذة بضرورة الصمت، لكن ذلك لم يثن عدداً من الوزراء عن التعبير عن سرورهم، مع التشديد على أن ذلك لا يعني تحمّل المسؤولية أو الإشارة إلى أن إسرائيل هي التي نفذت الاغتيال. ورأى وزير الإسكان يؤاف غالنت أن «من الجيد أن أشخاصاً مثل سمير القنطار لن يكونوا جزءاً من عالمنا»، وقال وزير الطاقة وعضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، يوفال شطاينتس، إن «من نفذ العملية قام بعمل جيد»، وعبّرت وزيرة القضاء اييلت شاكيد عن فرحتها بنجاح عملية الاغتيال، و«بارك» رئيس المعارضة في الكنيست ورئيس «المعسكر الصهيوني»، إسحاق هرتسوغ العملية.في السياق، كشف المراسلون الإسرائيليون أمس، أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، قرر الانعقاد في أعقاب جلسة الحكومة الأسبوعية، بعد ساعات على اغتيال القنطار. وقدر عدد من المراسلين أن الجلسة تعبير عن أن الاغتيال سيشهد تداعيات. لكن مسؤولاً إسرائيلياً رفيع المستوى حاول التخفيف من «معاني الجلسة» كما وردت على لسان المراسلين، وأشار، في حديث إلى موقع صحيفة «هآرتس»، إلى أن الجلسة كانت مقررة مسبقاً.
القنطار تحوّل
«قنبلة موقوتة» بسبب البنية المقاومة التي أسسها في الجولان

واحتل خبر الاغتيال الصدارة في الإعلام العبري طوال أمس. ولكن إلى جانب الاحتفاء، عبّر الخبراء والمراسلون عن منسوب مرتفع من القلق حيال الآتي، مع التأكيد اللافت، في موازاة الصمت الرسمي، على أن «الرد آت بلا جدال».
موقع «واللا» أشار إلى أن مسألة البحث في تل أبيب تتعلق فقط بموعد الرد وبمداه، وليس إن كان هناك رد أو لا، فيما أكدت القناة العاشرة أن التجارب السابقة تشير إلى أن حزب الله قد يستهلك أياماً لاتخاذ القرار، ثم أياماً أخرى لشن عملية الرد، «ما يعني أن بإمكان الإسرائيليين أن يرجحوا أن الرد لن يكون غداً صباحاً، بل في الأسابيع المقبلة. حينئذ فقط نتأكد من الرد ونوعه ومداه». ووفق القناة، «لا يستبعد أبداً أن تشهد منطقة مزارع شبعا رد حزب الله الموعود».
وعادت القناة في نشرتها الرئيسية أمس لتشير إلى أن «الجيش الإسرائيلي يدرك جيداً أن حزب الله معنيّ بالانتقام»، والبحث يتركز حالياً حول «أين وكيف»، مضيفة أن «للحزب خيارات عدة قد يختار أحدها، مثل رد على الحدود مع لبنان أو على الحدود مع سوريا، كما بإمكانه أن يزرع عبوة تستهدف الجيش الإسرائيلي أو إطلاق صواريخ مضادة للدروع... وغيرها من الخيارات».
وبدا واضحاً، من مضمون التعليقات والتحليلات الواردة في الإعلام العبري، أن من أمر بتنفيذ العملية استند إلى تقدير مفاده أن حزب الله مشغول في القتال الدائر في سوريا، ولن يكون معنياً، حتى مع التسليم بأنه سيرد لا محالة برد يؤدي إلى تصعيد شامل، سواء على الجبهة السورية، أو على الجبهة اللبنانية. وهذا «التقدير» وجد تعبيره في أكثر من تقرير تناول الاغتيال وتداعياته.
وكتب معلق الشؤون العسكرية في «هآرتس» عاموس هرئيل أن «عملية اغتيال القنطار تبشر بمرحلة جديدة من التوتر الشديد، وربما أيضاً فوق ما جرى اعتياده، على الحدود السورية ــــ الإسرائيلية، واللبنانية ــــ الإسرائيلية». وهذا ما ذهب إليه موقع «إسرائيل ديفينس» العبري، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية، فأكد أن رد حزب الله آت، لكن «بحسب التقديرات» فإن الرد «لن يؤدي إلى مواجهة واسعة مع إسرائيل، ما يعني وجوب حجب الأهداف عن الحزب»، و«ستكون مهمة الجيش من الآن الامتناع عن توفير أهداف لحزب الله على الحدود».
موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت، «رجّح» في تحليل لتداعيات الاغتيال أن الدافع لدى إسرائيل من عملية كهذه، هو «دور القنطار في عمل حزب الله وإيران لبناء بنية تحتية في الجولان لشن عمليات نوعية ضد إسرائيل». ووفق محلل الشؤون العسكرية في الموقع، رون بن يشاي، فإن «رد حزب الله سيأتي، لكن من دون التسبب في حرب واسعة». وأضاف أن «القنطار بادر في الأعوام الأخيرة إلى تنفيذ خمس عمليات ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية في الجولان». مع ذلك، ذهب الكاتب للتعبير عن تقديره بأن «روسيا لن ترضى برد واسع من إيران أو من حزب الله، وخصوصاً بعد التقدم في المفاوضات بين الدول الكبرى، حول إنهاء الحرب في سوريا».
واستباقاً للرد، ومحاولة منها لتحويل المعتدي إلى ضحية، حرصت التقارير العبرية على التشديد، إلى حد مفرط، على أن عملية الاغتيال لم تكن بهدف «تصفية حسابات» قديمة، بل «تأتي ضمن سياسة استباق عمليات كان القنطار يخطط لتنفيذها ضد إسرائيل»، مع ترداد كلمة جامعة في كل التقارير، أن «القنطار كان قنبلة موقوتة»، وهو ما «يهدف إلى خدمة إسرائيل في مرحلة مقبلة من تداعيات الاغتيال». ووفق القناة الثانية، فإن إسرائيل اعتبرت القنطار في المدة الأخيرة «قنبلة موقوتة» بسبب ما قام به في الجولان والبنية التحتية التي أسس لها لاستهداف إسرائيل، والعمليات التي كان ينوي تنفيذها هناك.
وكانت صحيفة «معاريف» على موقعها الإلكتروني، قد حذرت الإسرائيليين والمستوطنات الشمالية من ضرورة الاستعداد للأسوأ، وقالت إن «حزب الله هدد بالرد، وكان آخر تهديد له قد انتهى بعملية قاسية»، وأضافت: «على سكان الشمال أن يدركوا أن رداً ناجحاً من حزب الله سيؤدي إلى خسائر كبيرة، رغم أن التقدير السائد (لدى إسرائيل) أنه ليس من مصلحة الجانبين التصعيد الشامل». وختمت تقول: «كي لا نخطئ، حزب الله سيرد، وقد يكون رده معتدلاً ومحمولاً، وقد يذهب حتى النهاية في رده، وهذا أمر يعرفه فقط (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله».
--------------------
انسرت
القنطار تحوّل «قنبلة موقوتة» في الجولان بسبب البنية التحتية التي أسسها لاستهداف إسرائيل
--------------
كادر
تأهب إسرائيلي واستنفار مدروس
أكدت مصادر أمنية إسرائيلية للإذاعة العبرية أن حالة التأهب والاستعداد شملت معظم المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، رغم التعليمات الصادرة عن قيادة الجيش الإسرائيلي، بضرورة بث رسائل الطمأنة للمستوطنين، وتوجيههم للإبقاء على روتين الحياة الطبيعية في المستوطنات. وأشارت الإذاعة في تقرير لها، إلى أن عيون الجيش الإسرائيلي شاخصة باتجاه الحدود الشمالية مع لبنان، وأن أوامر صدرت بتعزيز القوات على طول الجبهة، الأمر الذي سينعكس ميدانياً في الساعات القليلة المقبلة.