على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

من أهم التطوّرات في تغيير المزاج الشعبي الأميركي نحو القضيّة الفلسطينيّة، كان الموقف الأخير الذي اتخذته المنظمة التاريخية للدفاع عن حقوق السود، أي «الاتحاد الوطني لترقّي الملوّنين»، وهي من أعرق المنظمات المتخصّصة في الدفاع عن السود في أميركا. تأسّست في عام 1909 على يد سود وبيض من اليهود. وكانت المنظمة تاريخيّاً شديدة التعصّب لإسرائيل. كان اللوبي الإسرائيلي متنبّهاً كثيراً إلى ضرورة الحفاظ على تأييد منظمات وكنائس السود لمصالح إسرائيل. وموّل عدد من أثرياء اليهود من الصهاينة عدداً من المنظمات والكنائس السوداء مثل «الاتحاد». مارتن لوثر كينغ كان مؤيّداً لإسرائيل وإن كان هناك ملامح أنّه بدأ بإعادة النظر في سياساته الخارجيّة في آخر أيّامه. مالكوم إكس، كان تقدميّاً في كل جوانب مواقفه، وكانت سياساته الخارجيّة ثوريّة، تماماً مثل مواقفه في السياسات الداخليّة. منظمة «الاتحاد الوطني» دعت أخيراً بايدن إلى وقف النار في غزة ووقف تصدير السلاح إلى إسرائيل. أين المفاجأة في ذلك؟ المفاجأة أنّ هذه المنظمة التقليديّة محافظة ووثيقة العلاقة بقيادة الحزبَين ولا تنسجم مع النزعات الثوريّة للشباب السود. وأتت دعوة «الاتحاد» بعدما كانت قيادات الكنائس السوداء قد دعت (مبكراً) بايدن إلى وقف النار في غزة. مواقف السود الأميركيّين افترقت بالكامل عن السياسة الخارجية للحزب الديموقراطي في ما يتعلّق بفلسطين. هذا التغيير لا ينعكس على مواقف القادة السود في الحزب الديموقراطي: هؤلاء يتلقّون التمويل من «لجان العمل السياسي» التابعة لـ «إيباك» (اللجان تتولّى تمويل حملات انتخابية وفقاً لمعايير سياسيّة محدّدة). وقد أجرت مؤسّسة «كارنيغي» استطلاعاً للرأي جاء فيه أنّ 68٪ من السود يرغبون بوقف فوري للنار (كان ذلك في نيسان الماضي)، و59٪ من السود يريدون أن يكون الدعم الأميركي لإسرائيل مشروطاً. وزادت نسبة السود الذين يشعرون برابط تعاطف مع الفلسطينيّين من 32٪ في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى 45٪ اليوم. هذه الأرقام، إضافة إلى مواقف الكنائس وطلاب الجامعات من السود، تصيب اللوبي بالذعر لأنها تدلّ على فقدان الإجماع الائتلافي (حول دعم إسرائيل) الذي شكّله الليبراليون الصهاينة بعد تأسيس دولة الكيان.

0 تعليق

التعليقات