قبل عام تماماً، تصدّى أهالي كفرشوبا والعرقوب لمحاولة العدو الإسرائيلي احتلال مساحات جديدة من الأراضي المحرّرة في أطراف كفرشوبا. فما إن شرع جنود العدو بأعمال جرف في محيط بركة بعثائيل، حتى اندفع الأهالي العزّل لإيقافه. وسُجّلت مواجهات شعبية دامت أياماً، انتهت بوقف الأعمال المعادية. في اليومين الماضيين وفي ظل العدوان الإسرائيلي الموسّع على العرقوب والجنوب، استعاد الأهالي الذكرى الأولى لـ «مواجهات كفرشوبا». غالبية من شارك فيها، لم يتمكّن أخيراً من زيارة موقعها. العدو من موقعَي رويسات العلم والسمّاقة في تلال كفرشوبا المحتلة يتربّص بكل حركة يرصدها. غارات وقصف مدفعي واستهداف بالقذائف الفوسفورية والحارقة، أدت إلى احتراق مساحات واسعة من أحراج السنديان في وذاذ وخلة شباط والصوان وفي حقول الزيتون واللوزيات في بوابة حسن وبعثائيل وحلتا... مع ذلك، رفض بعض أبناء كفرشوبا الرضوخ لترهيب العدو. أيمن القادري اصطحب زوجته وأولاده وتوجّه نحو حقله في «بوابة حسن» لقطاف موسم الكرز الذي حان. تحت مرمى موقع رويسات العلم المعادي، صدح بالمواويل والأهازيج التي اعتاد غناءها ابتهاجاً بجنى الثمر. يقول في حديثه لنا إنّه لا يغامر بـ «تفقّد رزقه في ظل الظروف الحالية، إنما هو حق مكتسب لي بأن أزور أرضي المحرّرة». قبل أن يتوقف العدوان ويحظى جيرانه من أصحاب بساتين الكرز والخوخ والدراق من قطاف مواسمهم، تعمّد العدو إحراق المزروعات. «لا تتوانى إسرائيل عن الانتقام من صمود كفرشوبا بوجه المشروع الصهيوني منذ الثلاثينيات» يقول القادري. ويشير إلى اللافتة الزرقاء المثبتة عند مدخل كفرشوبا في سفح جبل الشيخ: «كفرشوبا الصمود». ولدى القادري، كالكثير من أبناء كفرشوبا، أراضٍ داخل المساحات التي لا تزال محتلة. يلفت الصحافي عفيف دياب، أحد أبناء كفرشوبا، إلى أن البلدة استهدفت بنحو 160 اعتداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير، منها أدى إلى استشهاد عدد من المقاومين من علي وحسين عبد العال إلى نابغ القادري وقاسم أسعد. دماء استحضرت أول شهداء كفرشوبا على طريق فلسطين وهو محمد يحيى الذي قضى في مواجهة العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة عام 1936. وبحسب دياب، فإن البلدة التي نذرت نفسها باكراً لنصرة القضية الفلسطينية، دفعت ثمن مقاومتها لإسرائيل. فقد احتُلت أراضيها بدءاً من عام 1969 ثم دمرت جزئياً في العام نفسه وفي عام 1972، قبل أن تدمر كلياً ويهجَّر أهلها عام 1975. وفي عام 1977، سقطت كلياً في قبضة الاحتلال.