غزة | منذ بدء العملية العسكرية في مخيم جباليا في العاشر من الشهر الماضي، دخلت أسواق قطاع غزة في موجة الغلاء مجدداً، حيث شحّت البضائع والمواد التموينية الأساسية، جراء توقف دخول شاحنات البضائع التجارية من جنوب القطاع عبر حاجز «نتساريم»، لأكثر من ثلاثين يوماً، وما أعقب ذلك من عمليات توغل في شرق المنطقة الوسطى، وتواصل توقف التنسيق لدخول الشاحنات. ويتزامن هذا مع الإغلاق المستمر لمعبر رفح، والفتح الجزئي لمعبر «كرم أبو سالم»، والذي لم تدخل عبره، خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، سوى 250 شاحنة، وصل القليل منها إلى مناطق شمال القطاع.وأمس، أعلن «برنامج الأغذية العالمي» (WFP)، وهي الجهة المخوّلة تشغيل المخابز في شمال القطاع وجنوبه، وقف خدماته بسبب الخطر الكبير الذي يحيط بموظفيه العاملين في الميدان. وقال «البرنامج»، في بيان صحافي، إن مستودعين تابعين له تعرّضا للقصف، ما تسبب بإصابة أحد العاملين فيه، واضطره إلى «وقف خدماته»، على أمل أن «تلتفت الجهات الدولية إلى خطورة الوضع الإنساني» في القطاع.
تلك التطورات المتتابعة، وما تبعها من فقدان قدر كبير من المواد التموينية التي كان يحتفظ بها النازحون في مراكز الإيواء المحروقة ومنازلهم التي دُمر 40 ألف بيت منها خلال الاجتياح الأخير للمخيم، ساهمت في دخول مناطق غزة كافة في مرحلة شديدة الخطورة من الشح في المواد الأساسية؛ إذ وصل سعر كيلو السكر الواحد إلى 80 شيكلاً (21 دولاراً)، فيما لا يتوفر في الأسواق أي نوع من الخُضر والفواكه واللحوم منذ أكثر من شهرين. وبينما كان المزارعون والأهالي قد بادروا في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من أحياء بيت لاهيا ومخيم جباليا في نهاية شهر كانون الأول الماضي، إلى زراعة الأراضي التي جرفتها قوات الاحتلال، اضطروا في خضمّ العملية الأخيرة في شمال القطاع، لإخلائها لنحو 20 يوماً، وهو ما تسبب بتلف كل المزروعات التي كانت قد شارفت على موسم الحصاد.
وبحسب أحمد الزرد، وهو صاحب إحدى البسطات في سوق الصحابة المزدحم شمال غزة، فإنه «وخلال فترة التوغل الإسرائيلي في مخيم جباليا، لم تدخل أي شاحنة بضائع تجارية، كما أن أكثر من 200 ألف نازح، اضطروا لشراء المواد التموينية مجدداً في وقت متزامن، بعد أن خرجوا من منازلهم من دون أن يستطيعوا إخراج أيٍّ من أغراضهم». ويتابع الزرد، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «أكثر من 700 ألف إنسان يستهلكون بشكل يومي الطعام، من دون أي تعويض إلى الأسواق»، لافتاً إلى «حالة الشح والغلاء الفاحش في أسعار أقل السلع منطقية، فبالنظر إلى الظروف القائمة، ارتفع سعر كيلو السكر 20 ضعفاً، واختفى الأرز تماماً من الأسواق، كما لم يتذوق الأهالي اللحوم منذ أشهر، نحن في مجاعة حقيقية». وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد أكّد، في تصريح صحافي، أن شمال القطاع دخل مجدداً في مرحلة المجاعة، حيث تمنع إسرائيل دخول السلع والمساعدات إليه منذ شهر كامل.