الحسكة | بدأت الولايات المتحدة تحرّكات جديدة لإحياء الحوار الكردي - الكردي في سوريا، وهو ما أكدته تسريبات كردية تحدثت عن ضغط أميركي - أوروبي مزدوج في هذا الاتجاه، بعد تعطّل دام أكثر من أربع سنوات. إلا أن ذلك لا يترافق مع توقعات بخروج الحوار العتيد بنتائج جديدة، في ظل الخلافات العميقة بين أحزاب «المجلس الوطني» الكردي، وأحزاب «حركة المجتمع الديموقراطي» بقيادة «الاتحاد الديموقراطي» الكردي. وجاءت هذه التسريبات، أولاً، على لسان عضو «هيئة رئاسة المجلس الوطني» وسكرتير «حزب يكتي الكردستاني»، سليمان أوسو، الذي أكد، في تصريحات إعلامية، أن «الجانب الأميركي يرى أنّ الحوار الكردي - الكردي إستراتيجي ويجب العودة إليه»، مشيراً إلى «إمكانية عقد لقاء مع القائد العام لقسد، مظلوم عبدي». ومن جهته، أعلن الأمين العام لـ«الحزب اليساري الكردي» في سوريا، محمد موسى، أن «الولايات المتحدة تقوم بمحاولات جديدة لاستئناف الحوار الكردي - الكردي»، كاشفاً أن «الجانب الأميركي التقى مع المجلس الكردي، وحدّد موعداً للقاء مع وفد أحزاب الوحدة الوطنية الذي يمثل المجلس في المفاوضات مع PYD (حزب الاتحاد الديموقراطي)، إلا أن رحلة مفاجئة للمبعوث الأميركي أجلت اللقاء»، فيما غابت أي تصريحات أو بيانات من قِبل الجانب الآخر المعني بالحوار، وهو «حركة المجتمع الديموقراطي» التي تتألف من تحالف أحزاب «الإدارة الذاتية».
وإذ يعدّ ملف المصالحة الكردية من أعقد الملفات في مناطق شمال شرق سوريا، التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، فقد بدأ العمل عليه، أساساً، من قِبل حكومة «كردستان العراق» التي رعت عدة اجتماعات ثنائية بين الجانبين، في مؤتمر هولير 2012، وهولير 2013، ودهوك 2014، من دون التوصل إلى أيّ اتفاق، ووسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالتسبب بالتعطيل. كما حاولت فرنسا، بدورها، الدفع نحو الاتفاق عبر طرحها لمبادرة دعمتها لاحقاً بريطانيا في عام 2019، من غير الخروج بأي نتائج أيضاً. وفي نيسان 2020، طرح عبدي مبادرة لرعاية هذا الحوار بضمانة من الأميركيين و«قسد»، إلا أن الخلافات على ملفات جوهرية كمطالبة «المجلس» بإلغاء التجنيد الإجباري، وفك ارتباط «حزب الاتحاد» بـ«حزب العمال الكردستاني»، والمطالبة بعودة قوات «بشمركة روج أفا» إلى المنطقة، أدّت إلى تعطيله من جديد.
تنظر الولايات المتحدة إلى أيّ نجاح في ملف المصالحة الكردية كمقدمة لتوحيد المعارضة السورية


وبعد أربعة أعوام من الجمود، يبدو أن الولايات المتحدة تريد إخراج الملف من الثلاجة، واستغلال تغيّر الظروف السياسية والميدانية، ووجود ضغوطات تركية لشن عملية عسكرية جديدة ضد «قسد»، من أجل إحداث ثغرة تمكّنها من فتح باب التقارب بين «الإدارة الذاتية» والأتراك. إذ إن واشنطن لا ترى في هذا الملف مصلحة كردية محلية فقط، وإنّما تريد أن تكون هذه الأخيرة مدخلاً لإصلاح العلاقة بين «حزب الاتحاد» وتركيا، عبر إشراك بقية الأحزاب الكردية في حكم المنطقة، وبالتالي فك الارتباط العملي بـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تتهم أنقرة «قسد» بأنّها ذراعه السوري. أيضاً، تنظر الولايات المتحدة إلى أيّ نجاح في هذا الملف كمقدّمة لتوحيد المعارضة السورية، عبر إشراك تيارات سياسية كردية محسوبة على «الائتلاف» المعارض في حكم مناطق «الإدارة الذاتية»، ما سيساعد أيضاً في إمكانية تمثيل الأخيرة في أي اجتماع خاص بحل الأزمة السورية.
وهنا، تقلّل مصادر كردية، في حديث إلى «الأخبار»، من «أهمية المعلومات المتداولة عن إمكانية عقد جولة جديدة من الحوار الكردي - الكردي حتى وإن عقدت بالفعل»، مشيرة إلى أنه «ليست هناك لدى الطرفين أي رغبة في تحسين الأجواء والمناخ السياسي للحوار، خاصّة مع مضيّ الإدارة الذاتية في تطبيق العقد الاجتماعي الجديد، والإعلان رسمياً عن موعد لإجراء انتخابات محلية». وترى المصادر أن «الخلافات عميقة بين طرفي الحوار، وهي تتعلق بالحالة الأيديولوجية والانتماء السياسي والولاءات المتناقضة، وهو ما يجعل من فرص نجاحه معدومة»، مستدركة بأن «الولايات المتحدة إما أنها لا تملك التأثير المطلوب على الطرفين، أو أنها تحاول كسب الوقت بعقد جلسات حوارية، رغم إدراكها استحالة الخروج بنتائج إيجابية منها».