منذ أكثر من عشرة أيام، تخوض قوات الجيش السوري بالتعاون مع القوات الروسية معارك عنيفة في البادية السورية الممتدة إلى منطقة التنف - حيث القاعدة الأميركية غير الشرعية الأكبر في سوريا -، وذلك ضمن عملية تمشيط تستهدف القضاء على خلايا تنظيم «داعش» التي تحاول استغلال الطبيعة الجغرافية المعقّدة للمنطقة لتأمين حضورها، واستمرار هجماتها المتكررة على مواقع الجيش السوري وبعض الطرق الرئيسية. وتُعتبر العملية العسكرية، التي سبقتها تدريبات مشتركة سورية – روسية، وتشارك فيها قوات سوريّة محمولة جواً، وفقاً لمصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، الأكبر منذ سنوات؛ إذ يشارك فيها سلاح الجو الروسي بكثافة، إلى جانب سلاح المدفعية الذي يقوم بتأمين تقدّم القوات الراجلة، بالإضافة إلى النشاط غير المسبوق لطائرات الاستطلاع، والتي تعمل على تمشيط المنطقة ورصد جماعات «داعش» وتزويد بنك الأهداف بالإحداثيات. وتشير المصادر إلى أن منطقة العمليات واسعة جداً وتشمل أرياف حمص وحماه والرقة وصولاً إلى منطقة التنف، لافتة إلى أن «الارتفاع الشديد في درجات الحرارة في تلك المنطقة، بالإضافة إلى حصول مسلحي "داعش" على تجهيزات حديثة، أعاقا في بعض المناطق تقدّم القوات السورية». وتؤكد أن النتائج التي تمّ حصدها حتى الآن «تبدو مرضية برغم بعض الخسائر البشرية خلال الاشتباكات المباشرة»، نافية، في الوقت ذاته، ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول تعرّض قافلة عسكرية لكمين.وبالتزامن مع تلك العمليات، تكشف مصادر ميدانية، تحدّثت إلى «الأخبار»، عن قيام قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم)، الجنرال مايكل إريك كوريلا، بزيارة القاعدة الأميركية في منطقة التنف، عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن. وإذ تشير المصادر إلى أن هذه الزيارة لم يُعلن عنها، توضح أنها جاءت بُعيد زيارة قام بها كوريلا إلى الأراضي المحتلة خلال تنفيذ القوات الإسرائيلية مجزرة النصيرات، وتحرير 4 أسرى إسرائيليين في عملية شاركت فيها قوات أميركية، وفق ما أكّدت وسائل إعلام أميركية. وتُعتبر زيارة كوريلا لـ«التنف» الثالثة منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة، في السابع من تشرين الأول الماضي، وهي استمرت بضع ساعات فقط، وتفقّد خلالها القوات الأميركية، قبل أن يعود أدراجه عن طريق الأردن، بحسب ما تفيد به المصادر، التي تبيّن أن هذا النوع من الزيارات بات تقليداً للجنرال الأميركي الذي يقوم بزيارة «التنف» في كل مرة يزور فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتُعتبر هذه الزيارات بمثابة تأكيد للدور الكبير الذي تلعبه «التنف» في حماية إسرائيل، وإمدادها بالمعلومات الاستخباراتية وتأمين مجال جوي لدخول طائراتها خلال تنفيذ بعض الاعتداءات، مثل الاعتداء الأخير الذي استهدف نقطة على خطوط التماس مع الفصائل المسلحة في ريف حلب الشمالي، إلى جانب دورها في إمداد خلايا تنظيم «داعش» المنتشرين في البادية بالعتاد والسلاح لضمان استمرار إشغال القوات السورية والروسية.
قرّر الكونغرس الأميركي معاقبة منظمة أعلنت رفضها مشروع القانون الذي يمنع التطبيع مع الحكومة السورية


أما سياسياً، فتتابع واشنطن وحلفاؤها الضغط على الحكومة السورية، عبر محاولة عرقلة مشاريع «التعافي المبكر» والتي تفتح الباب أمام عودة النازحين واللاجئين من دول الجوار، بالإضافة إلى السعي لإعاقة العودة الطوعية للاجئين، في وقت تزداد فيه معاناة السوريين في ظل تراجع الدعم الذي كانت تقدّمه منظمات أممية لهم، نتيجة انخفاض التمويل اللازم لهذه المشاريع إلى أرقام غير مسبوقة. وفي هذا السياق، قرّر الكونغرس الأميركي معاقبة منظمة «إنترآكشن» التي أعلنت رفضها مشروع القانون الذي تمّ تمريره في الكونغرس ولم يقرّه بعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، ويمنع التطبيع مع الحكومة السورية. وقال مسؤول السياسات في «التحالف الأميركي لأجل سوريا»، محمد علاء غانم، وهو تحالف يضم جماعات أميركية من أصول سورية تُعتبر رأس الحربة في صياغة وتمرير قوانين العقوبات التي تفرضها واشنطن على دمشق، إن المنظمة «كانت من أشرس المنظمات الدولية التي سعت في الكونغرس لإفشال مشروع قانون مناهضة التطبيع»، مضيفاً أن «لجنة التخصيص المالي في مجلس النواب الأميركي أجازت مادة تنص على حظر تقديم أي تمويل أميركي حكومي لهذه المنظمة»، علماً أن الأخيرة تُعتبر تحالفاً يعود تأسيسه إلى ثمانينيات القرن الماضي، ويضم أكثر من 165 منظمة إغاثية وإنسانية.
ويأتي ذلك في وقت ذكر فيه تقرير لـ«فريق منسقي الاستجابة» الذي ينشط في مناطق سيطرة الفصائل في الشمال السوري أن عدد مخيمات النازحين التي لا يحصل قاطنوها على المساعدات الغذائية، ارتفع إلى أكثر من 900 مخيم في عموم منطقة شمال غربي سوريا، وسط استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية. وأوضح التقرير أن تلك المنطقة تضم حالياً 1904 مخيمات، يقطنها 2 مليون و27 ألفاً و656 نازحاً، موزّعين على 368 ألفاً و569 عائلة. وتبلغ نسبة الأطفال ضمن هذه المخيمات 54%، ونسبة النساء 26%، وذوي الاحتياجات الخاصة 2.91%، فيما النقص في الاستجابة الإنسانية يشمل مختلف القطاعات الرئيسية، بما في ذلك الغذاء والمياه والصحة والتعليم والمأوى.