لم تتوقف العمليات العسكرية في الجنوب، خلال الجولة الخامسة من المفاوضات بين وفد الفصائل المسلحة والجانب الروسي، وتمكنت وحدات الجيش المتقدمة على الحدود الأردنية انطلاقاً من جنوب بصرى الشام، من الوصول إلى معبر نصيب الحدودي، بالتوازي مع تقدمها من الجهة الشمالية وسيطرتها على بلدة النعيمة، شرق مدينة درعا. التقدم الأخير الذي أعاد الجيش إلى المعبر الرسمي الأبرز مع الأردن، بعد سنوات على خروجه عن سيطرة الحكومة، جاء بالتوازي مع الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات مبدئية في مسار التفاوض، تنتظر تنسيقاً مع كامل الفصائل في ريف درعا الشمالي الغربي، وامتداده نحو ريف القنيطرة، لتأخذ صيغة «اتفاق تسوية» شامل. وبينما أعلنت وزارة الدفاع السورية نبأ رفع العلم على المعبر، لم يصدر أي إعلان رسمي حول الاتفاق حتى الآن، واقتصر الحديث عن بنود التفاهمات على بعض الأوساط المعارضة. وتتضمن تلك البنود، وفق ما تم تناقله، تسليم السلاح الثقيل بشكل تدريجي ودخول وحدات الشرطة السورية مصحوبة بقوات روسية، إلى البلدات التي دخلها الجيش أخيراً، إلى جانب تفاهمات حول «إدارة مدنية» لمعبر نصيب، وإجلاء المسلحين غير الراغبين في التسوية. وإلى حين بيان التفاصيل الكاملة للاتفاق، تشير تطورات الميدان إلى أن الجانب الحكومي لن يرضى بشروط خاصة بشأن المعبر الحدودي ولا الإدارات المدنية داخل محافظة درعا. وبالتوازي، نقلت وسائل إعلام معارضة أن عدداً من الفصائل المسلحة تُعدّ لهجوم في محيط مدينة البعث، التابعة لمحافظة القنيطرة، وسط إعلان إسرائيلي عن استهداف موقع عسكري سوري قرب حدود الجولان المحتل.

سعيٌ تركي ــ أميركي لتوسيع «خريطة منبج»

لا تنفكّ أنقرة تعلن توافقها مع واشنطن بشأن خريطة طريق في ما يخص منطقة منبج في الشمال السوري. الإعلان التركي المتكرّر عن التوافق، يقابله تقدّم في تطبيق الخطوات المتفق عليها بين الدولتين بشكل تدريجي على الأرض، بينما تشهد العلاقات التركية ــ الأميركية هبوطاً وصعوداً، نتيجة تضارب في المصالح بين الدولتين في ملفات عدّة. تسيير الدوريات المشتركة مع الجنود الأميركيين في المنطقة، لم يُقنع أنقرة بشكل كافٍ، فهي تصرّ على أن ذلك «لا يعني انسحاب الوحدات الكردية من مدينة منبج».

وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال إن «هناك توافقاً واضحاً في خريطة الطريق (مع واشنطن) للانتقال إلى مناطق أخرى (شمال سوريا)، بعد إتمام مهمتنا في منبج». جاء ذلك خلال استضافته من قبل محرّري وكالة «الأناضول» الرسمية التركية، اليوم، في العاصمة أنقرة. وأضاف أوغلو أن «انسحاب الوحدات الكردية من خط الدوريات التي نسيّرها في المنطقة (ضمن الاتفاق مع الولايات المتحدة)، لا يعني انسحابه من منبج». وعن العلاقات مع واشنطن، أشار أوغلو إلى إن «الإدارة الأميركية لا ترغب بتعكير علاقاتها مع تركيا». وقد جاء تعليقه هذا، في معرض الحديث عن مسألة شراء منظومة صواريخ «إس -400» من روسيا، والذي تعتبره واشنطن وحلفاؤها في حلف «شمال الأطلسي» أمراً خطيراً جداً، وتجاوزاً للخطوط الحمراء.

أوغلو أشار إلى المحادثات بين أنقرة وواشنطن، وخصوصاً في الملفات التي لا تتوافق فيهما الدولتان، وتعتبر أساساً لتعثّر العلاقات بينهما، إذ قال بخصوص مطالبة أنقرة بتسليمها المعارض التركي فتح الله غولن: «عندما نضع أمام الولايات المتحدة كافة المسائل المتعلقة بمنظمة غولن الإرهابية، سنرى مدى اهتمامها بالأمر... على واشنطن أن لا تخسر حليفاً مثل تركيا». وبشأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، اعتبر وزير الخارجية التركي أن «تلك القرارات (العقوبات) التي اتخذتها واشنطن ضد إيران غير صائبة».

المعارضة تسلّم «اللجنة الدستورية»
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، يوم أمس، إن «المعارضة السورية تقدّمت للمبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، بأسماء ممثليها في اللجنة الدستورية»، المزمع تشكيلها في إطار التسوية السياسية للأزمة. جاء ذلك خلال إجابة مكتوبة، ردّاً على سؤال لوكالة «الأناضول»، بشأن عملية تشكيل اللجنة المُشار إليها. وأضاف أقصوي أن «القائمة تضم 50 شخصاً، وهي من إعداد اللجنة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية». وتابع أن تركيا أكدت لدى ميستورا، بشكل مكتوب، عبر القنوات الرسمية، «دعمها للقائمة».
كذلك، ذكّر المسؤول التركي بأن مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عُقد في مدينة سوتشي الروسية، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا إلى تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد. وأضاف أن تركيا وروسيا وإيران، بصفتها دولاً ضامنة لمباحثات أستانة، «عملت بشكل منسق ووثيق مع المبعوث الأممي إلى سوريا، بهدف تنفيذ نتائج المؤتمر». ولفت إلى أن «رؤساء وفود الدول الثلاث تباحثوا، يومي 18 و19 يونيو/حزيران الماضي، في جنيف، مع دي ميستورا، بشأن تأسيس اللجنة ومبادئ عملها»، مشيراً إلى «استمرار الحوار بهذا الشأن في الأسابيع المقبلة».
مفاوضات الجنوب نحو الاتفاق
اجتمعت الفصائل السورية المعارضة في جنوب سوريا، مع المفاوضين الروس اليوم، في جولة جديدة من المفاوضات التي أعلن المسلحون جهوزيتهم لخوضها مجددا، بعدما تعثّرت يوم الأربعاء الفائت. وتعرضت منذ ليل الأربعاء حتى صباح اليوم، مواقع المسلحين في المنطقة الجنوبية الى قصف عنيف أجبرها على تعديل مطالبها والعودة الى التفاوض. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصادرها، أن «المعارضة تفاهمت مع روسيا على تسليم سلاحها الثقيل جنوبي سوريا، مقابل انسحاب قوات النظام من بعض البلدات وانتشار الشرطة العسكرية الروسية عوضا عنها في درعا وخروج من يرغب من المعارضة». دون أن تعلن الفصائل ذلك رسميا، ولا أي جهة رسمية أخرى. وتناقلت تنسيقيات المسلحين أن الاتفاق الذي حصل بين الفصائل المسلحة في الجنوب السوري والجانب الروسي لا يشمل ريف درعا الغربي والقنيطرة وسيتم عرضه على الفصائل المتواجدة هناك للموافقة عليه او رفضه.