تتصدّر فرنسا وإنكلترا بورصة الترشيحات للفوز بلقب كأس أوروبا، التي تستضيفها غريمتهما ألمانيا اعتباراً من 14 حزيران/ يونيو على بعض من أفضل الملاعب في القارة العجوز عبر دولة مهووسة بكرة القدم. وخلافاً للنهائيات الماضية التي أقيمت صيف 2021 في 11 مدينة و11 دولة احتفالاً بالذكرى الستين لانطلاق البطولة، تُنظَّم النسخة السابعة عشرة في مكان واحد على الأراضي الألمانية، وبحضور جماهيري من دون أي من القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19.وسيستعيد الألمان ذكريات عام 2006 حين استضافوا البطولة الكبرى الأخيرة على أرضهم باحتضان كأس العالم التي وصلوا فيها إلى الدور النصف النهائي، إذ انتهى المشوار على يد إيطاليا، المتوّجة لاحقاً باللقب والتي تدافع هذا الصيف عن لقبها القاري.
ويأمل الألمان أن تبقى هذه النهائيات القارية خالدة في الذاكرة، رغم المخاوف الأمنية في ظل مناخ عالمي متوتر والشكاوى بشأن شبكة السكك الحديد المتهالكة في البلاد.
في مونديال 2006، كانت الشكوك تحوم حول المنتخب المضيف، رغم أنه كان وصيفاً للنسخة التي سبقتها عام 2002، لكنه وصل الى الدور النصف النهائي قبل انتهاء المشوار على إيطاليا (0-2) بعد التمديد. والأمر مشابه هذه المرّة، إذ إن الشكوك تلقي بظلالها على فريق المدرب يوليان ناغلسمان، ولا سيما أن «دي مانشافات»، الفائز عام 2014 بلقبه العالمي الرابع، ودّع كأس العالم من دور المجموعات في مشاركتيه الأخيرتين عامَي 2018 و2022، وانتهى مشواره عند ثمن النهائي في كأس أوروبا الأخيرة.

حظوظ البلد المضيف
ومع ذلك، سيكون من السذاجة الاستخفاف بالمنتخب الألماني وحظوظه بإحراز اللقب القاري للمرة الرابعة في تاريخه، ولا سيما في ظل نوعية اللاعبين الموجودين بتصرّف ناغلسمان الذي قال: «لدي شعور بأننا قادرون على الفوز بالبطولة. وفي معظم الأوقات، يكون حدسي في مكانه». ويأمل ناغلسمان أن يكون مصيباً في توقّعه منذ المباراة الافتتاحية التي تجمع البلد المضيف بإسكتلندا في ميونيخ. وتبقى فرنسا وإنكلترا الأوفر حظاً على الورق كي ترفع إحداهما كأس هنري دولوني عالياً في الملعب الأولمبي في برلين يوم الرابع عشر من تموز/يوليو. وهذه الترشيحات لا تأتي من فراغ، ففرنسا هي الأعلى تصنيفاً بين منتخبات القارة العجوز، ووصلت الى نهائي كأس العالم في النسختين الماضيتين، وتُوّجت بلقبها الثاني عام 2018 في روسيا.
وتطوّر المنتخب الفرنسي أيضاً منذ خسارته نهائي مونديال قطر 2022 على يد ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني، ونوعية اللاعبين الموجودين بتصرف المدرب ديدييه ديشان من الطراز الرفيع جداً بقيادة كيليان مبابي المنتقل رسمياً الإثنين إلى نادي ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا.
بالنسبة إلى ديشان الذي أسهم في قيادة بلاده كلاعب إلى لقبها القاري الثاني والأخير عام 2000، ففرنسا: «مثل الدول الأخرى، لدينا القدرة على الذهاب حتى النهاية، لكن لا يجب أن نفكر منذ الآن بنصف النهائي أو الوصول المحتمل إلى النهائي». والمعروف في كرة القدم أو أي رياضة أخرى أن الملعب هو من يقرّر وليس الترشحيات، لكن إذا حدث المتوقع وتصدّرت فرنسا وإنكلترا مجموعتيهما، فسيكونان في طريق تصادمي للقاء في الدور النصف النهائي على ملعب «سيغنال إيدونا بارك» الشهير الخاص ببوروسيا دورتموند.
وتحمل إنكلترا عبء أنها لم تفز بكأس أوروبا في تاريخها. وبعد الخسارة المؤلمة بركلات الترجيح على يد إيطاليا في نهائي البطولة القارية عام 2021 في «ويمبلي»، سقط فريق المدرب غاريث ساوثغيت في ربع نهائي مونديال قطر 2022 بصعوبة أمام فرنسا.
واستناداً إلى نتائجها ومستواها، يجب أن يُحسب لإنكلترا ألف حساب في نهائيات ألمانيا 2024، والرجلان اللذان يمكنهما منحها الأفضلية هما: هاري كين وجود بيلينغهام. ويأمل الإنكليز الاستفادة من خبرة كاين على الأراضي الألمانية، حيث تألق في موسمه الأول في الـ«بوندسليغا» بتسجيله 44 هدفاً في 45 مباراة خاضها مع بايرن ميونيخ في جميع المسابقات.
كما أن بيلينغهام كان من نجوم الدوري الألماني قبل أن يترك دورتموند الصيف الماضي للالتحاق بريال مدريد الإسباني والمساهمة بقيادة النادي الملكي الى ثنائية الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا.

إيطاليا ومجموعة الموت
بالنسبة إلى ساوثغيت «هل نحن من المنتخبات القادرة على إحراز اللقب؟ بالطبع»، مضيفاً «سأكون غبياً إذا قلت لا، لكن إذا قلت نعم، فذلك لا يعني أنه لا ينتظرنا الكثير من العمل» الذي يبدأ ضد صربيا في 16 حزيران/ يونيو ضمن منافسات المجموعة الثالثة، قبل لقاء الدنمارك وسلوفينيا. وبعد غيابها عن كأس العالم الأخيرة وللمرّة الثانية توالياً، ستتواجد إيطاليا في ألمانيا للدفاع عن لقبها القاري، رغم خسارتها مرتين في التصفيات أمام إنكلترا.
ولن تكون مهمة أبطال العالم أربع مرّات سهلة على الإطلاق، إذ وقعوا ضمن مجموعة الموت (الثانية) بجانب إسبانيا التي تبحث عن استعادة مكانة فقدتها منذ تتويجها التاريخي بثلاثية كأس أوروبا 2008-كأس العالم 2010-كأس أوروبا 2012، والبرتغال بطلة 2016 التي ما زال تعوّل على عطاء نجمها التاريخي كريستيانو رونالدو رغم أعوامه الـ39 وانتقاله للعب مع النصر السعودي. وتأمل بلجيكا وهولندا في ترك بصمة أيضاً، لكن كأس أوروبا بالنسخة الثالثة منذ توسيعها لتضم 24 منتخباً، تتميّز بحضور منتخبات أقل شهرة.
وستحظى أوكرانيا بتعاطف كبير بسبب الغزو الروسي للبلاد وسيكون لديها فريق جيد تحت قيادة سيرهي ريبروف، فيما تشارك ألبانيا بقيادة البرازيلي سيلفينيو في البطولة القارية للمرة الثانية فقط.
وسيكون من المثير متابعة الوافد الجديد المنتخب الجورجي الذي يشرف عليه المدافع السابق لبايرن ميونيخ والمنتخب الفرنسي ويلي سانيول وبقيادة جناح نابولي الإيطالي خفيتشا كفاراتسخيليا.
وتبدأ معمودية النار للمنتخب الجورجي في 18 حزيران/ يونيو بمواجهة تركيا في «سيغنال إيدونا بارك» في دورتموند الذي سيكون بين عشرة ملاعب تستضيف النهائيات في جميع أنحاء ألمانيا.