كتلة «تجدّد» النيابية التي تضمّ النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وأديب عبد المسيح وفؤاد مخزومي، تترنّح وقد تخسر «ربع» أعضائها قبل الاحتفال ببلوغها عامها الثاني، وهو ما أكّده معوض في مقابلة على الهواء أخيراً بالإشارة إلى «خلاف يتوسّع بين أعضاء الكتلة وأديب (عبد المسيح) بسبب مواقف ومقاربات وتصرفات تضرّ بالكتلة»، مشيراً إلى أن ترك الأخير للكتلة هو «موضع نقاش».لكنّ مصادر تؤكد أن لـ«القصة» أبعاداً مختلفة لا تتعلق بانزعاج أعضاء الكتلة من مواقف عبد المسيح، بل بقلب معوض «المليان» من زميله الكوراني. فقد بدأ الخلاف منذ ترشّح رئيس «حركة الاستقلال» إلى رئاسة الجمهورية، إذ لم يرق له انفتاح عبد المسيح على كل منافسيه: تيار المردة ثم التيار الوطني الحر، قبل تقرّبه أخيراً من رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. لذلك عمد أخيراً إلى إجراء «انتقامي» بتعيين نائب رئيس «حركة الاستقلال» إميل فياض (ترشّح على لائحة معوض ولم ينجح) لمتابعة شؤون الكورة التي يفترض أنها «ساحة» عبد المسيح، كما نقل أكثر من مصدر عن معوض أن لائحته في الانتخابات المقبلة ستضم عن المقعد الأرثوذكسي في الكورة نبيل مكاري، نجل النائب الراحل فريد مكاري، ما يعني ضمناً الاستغناء عن عبد المسيح. واتسع الخلاف مع الزيارات المتكررة للأخير إلى الصيفي، لعلمه بحاجة معوض إلى التحالف مع الكتائب في البترون كي يرفع حاصل لائحته. علماً أن علاقة قديمة تجمع نائب الكورة بالنائب الجميل الذي نسّق قبل الانتخابات الأخيرة مع معوض لضم عبد المسيح إلى لائحة الأخير، على أن يلتحق بعد فوزه بلائحة الكتائب، ما أدى إلى استبعاد المرشح الكتائبي سامر سعادة. غير أن عبد المسيح انضم عقب فوزه إلى كتلة «تجدّد» ما أدى إلى استياء الجميل يومها.
تصفية الحسابات بين الزميلين وتلميح معوض إلى احتمال خروج عبد المسيح من الكتلة، ينفيهما الأخير تماماً، ويؤكد لـ«الأخبار» أنه «باق حتى إشعار آخر»، نافياً علمه بخلفيات كلام معوض، ومؤكداً أن عضوَي الكتلة الآخريْن، مخزومي وريفي، اتصلا به للاستيضاح وأنه أبلغهما بعدم علمه بأسباب هذا الموقف. وأكّد عبد المسيح لـ«الأخبار» أن ريفي ومخزومي «فوجئا بكلام معوض أيضاً». ولفت إلى أن إيحاء النائب الزغرتاوي باستثنائه من لقاء الكتلة بالموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأسبوع الماضي «ليس صحيحاً، بل غبت بداعي السفر».
وتلفت المصادر إلى «تاريخ» من التباين بين عبد المسيح والكتلة. فقبل عام تماماً، تغيّب بداعي السفر أيضاً عن لقاء الكتلة بلودريان، وانتقد يومها في مقابلة تلفزيونية «استنجاد السياسيين بالخارج لإجلاسهم على الطاولة»، مشيراً إلى أن «رئاسة الجمهورية موضوع سيادي، وكسيادي لن أشارك في الصفقة القائمة». وخلافاً لرأي الكتلة، سحب توقيعه على قانون إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرّم «الشذوذ الجنسي»، رافضاً «الترويج لما يمسّ بمعتقدات المجتمع اللبناني بكل طوائفه». ولدى الإعلان عن عقد جلسة برلمانية لمناقشة ملف النزوح السوري الشهر الماضي، أعلن عبد المسيح أنه لن يحضر الجلسة لأن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما عقد ريفي ومعوض مؤتمراً صحافياً أعلنا فيه مشاركة الكتلة في الجلسة وتقديمها اقتراحات. وأعلن عبد المسيح عند عقد جلسة للتمديد للانتخابات البلدية في 25 نيسان الماضي أن قوى المعارضة شاركت بشكل غير مباشر في التمديد لعدم اتخاذها إجراءات جدية كترشيح أشخاص وامتناعها عن أي إجراء لمنع التمديد سوى إصدار بيانات صحافية.
يؤكد عبد المسيح أن الناخبين «اقترعوا لي لأوصل صوتهم ولم أساوم على ذلك»، مشيراً إلى أنه يشكل اليوم بمفرده ما يسمى بـ«اليمين المعتدل» في المجلس. لكن هل يمنح هذا التمايز معوض اتخاذ قرار فصلك من الكتلة؟ يجيب: «كلا، فلا رئيس للكتلة والأمر يحتاج إلى تصويت وإذا تعادلت الأصوات فسنكون بحاجة إلى طاولة حوار... ربما يترأسها الرئيس نبيه بري».
تجدر الإشارة هنا إلى أن عضو الكتلة، فؤاد مخزومي، هو أحد أبرز مموّلي المشاريع التي يفتتحها عبد المسيح في الكورة بسبب تلاقي مصالحهما: الأول يعزز عمله الخدماتي في منطقته، والثاني يضمن التداول باسمه في القرى السنية الكورانية لتوسيع قاعدة شعبيته في إطار طموحه لدخول نادي رؤساء الحكومات.
عبد المسيح: لن أكون يوماً مجرد صنم أرفع يدي وأنزلها عند الطلب


وينتمي عبد المسيح إلى عائلة تدعم تاريخياً المرشح نقولا غصن. بدأ نشاطه الخدماتي في القضاء عام 2012 بعد عودته من الإمارات العربية المتحدة، حيث أسّس شركة للخدمات البحرية والنفطية كونه مهندساً متخصّصاً في هذا المجال، وأسّس جمعية «كلنا أهل» التي «ساهمت في دعم طلاب المدارس والجامعات ووقفت إلى جانب البلديات ورؤسائها». ويؤكد أنه لم يكن يفكر بالترشح ولا عائلته تحمّست للفكرة، «لكنني دخلت الثورة عقب انفجار المرفأ في آب 2020»، قبل أن يزعجه «دخولها بالشخصي وحيادها عن المبادئ. فأنا أختلف مع الرئيس بري في السياسة وكذلك مع جبران باسيل ولكن لا أهاجمهما بالشخصي».
في شهر رمضان الفائت، أقام عبد المسيح إفطاراً في طرابلس، كان باسيل ضيفه الرئيسي وأُجلس إلى جانب مفتي طرابلس في حضور معوض. قبلها، كال نائب الثورة الكوراني المديح للقاضية غادة عون «ووقوفها وحدها بين القضاة إلى جانب المودعين وقضيتهم». وفي زيارته الأخيرة لأستراليا، أقام له العونيون حفل استقبال، وزاره وفد من حركة أمل للتنسيق. ويقول عبد المسيح لـ«الأخبار» إن موقف معوض قد يكون نتيجة تراكمات، ولكن «هل أُلام على التلاقي مع باسيل حول بعض القضايا فيما المعارضة اتفقت معه على اسم رئيس للجمهورية؟». ويضيف: «انتخبني الممانع والسيادي ولا يمكنني أن أكون متحجّراً. لا أحب تصفية الحسابات الشخصية في المواقف السياسية». ولذلك لم يتردّد في توجيه واجب العزاء عبر منصة X إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بوفاة والدته معبّراً عن احترامه له، ولا في وصف نواب الحزب بـ«الشاطرين والمثقفين وكتير مناح معنا»، مؤكداً أنه سيبقى «مستقلاً ومتمسّكاً بمبادئي. فأنا غير قابل للتعليب ولن أكون يوماً مجرد صنم أرفع يدي وأنزلها عند الطلب».