يتعاظم القلق العسكري الإسرائيلي في ما خصّ خطر المقاومة في لبنان بسبب الضرر الهائل الذي تلحقه بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، ما يدفع قادة العدو إلى رفع سقف التهديدات بشن حرب واسعة على لبنان. وقد واصلوا أمس حملات التهويل، حتى خلال وجود المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين في تل أبيب التي عاد إليها بعد زيارة قامَ بها إلى بيروت، حيث سمِع كلاماً حاسماً عن أن الجنوب سيبقى جبهة مساندة ما دامت الحرب مستمرة على غزة، وذلك في موازة الرسالة الردعية التي أطلقتها المقاومة خلال تواجد هوكشتين، واستكملها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته أمس، والتي تحوّلت إلى مادة رئيسية على جدول أعمال قادة العدو وإعلامه.وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الوسيط الأميركي أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأن جهوده للتوصل إلى تسوية مع لبنان فشلت. لكنّ مصدراً آخر قال للقناة 12 العبرية إن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا الموفد الأميركي بأن انتهاء العمليات في رفح سيؤثّر على المنطقة وعلى جبهة لبنان.
وسُرّبت ليل أمس معلومات مصدرها مسؤولون أميركيون تحدّثوا عن «مناخ سلبي» يسود العلاقات الأميركية الإسرائيلية بشأن ملف لبنان. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين أن «اجتماع نتنياهو وهوكشتين أمس كان سيئاً». وأضاف الموقع أن «الخلاف الجديد بين نتنياهو وإدارة بايدن يعرقل جهود التهدئة وتجنّب الحرب مع حزب الله». وتابع: «تصرف نتنياهو يخلق فجوة بين الحليفين تؤدي إلى تآكل الردع الإسرائيلي في نظر حزب الله. ويبدو أن فريق بايدن كان غاضباً ومصدوماً من نتنياهو، ومسؤولون قالوا إنه غير متّزن».
وفيما اعتبرت «القناة 13» العبرية أن «كلام نصرالله في هذا التوقيت يظهر بوضوح عدم نجاح أي تسوية أو مهمة هوكشتين بفرض شيء». كان لافتاً تصريح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري الذي قال من الشمال إننا «مستعدون لأي سيناريو في الشمال وأي مواجهة مع لبنان ستنتهي باتفاق، ونحن ملزمون بإعادة السكان».
جنرالات العدو يتحدثون عن ضرورة تغيير الوضع لاعادة المستوطنين الى الشمال


من جهته، ردّ وزير الحرب يؤاف غالانت بعد زيارة المنطقة الشمالية على تصريحات نصرالله بالقول: «إن حزب الله بدأ الحرب وعلينا واجب تغيير الوضع في الشمال وإعادة المواطنين آمنين إلى منازلهم، حتى لو كان علينا القتال على نطاق مختلف».
أما رئيس أركان جيشه هرتسي هاليفي، فقال إن «الجيش الإسرائيلي يعد حلولاً للتعامل مع قدرات الحزب». وقال في ردّ مباشر على كلام السيد نصرالله: «نمتلك قدرات قوية، لا يعرف العدو إلا القليل عنها، وحزب الله سيواجهها في الوقت المناسب». ونقل المراسلون العسكريون عن غالانت وهليفي في «جلسة تقدير موقف» في القيادة الشمالية قولهما: «نحن مجبرون على تغيير الوضع في المنطقة».
من جهتها نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول سياسي كبير قوله إنه «إذا واصل حزب الله مهاجمتنا فإن جنوب لبنان سيبدو مثل غزة ولا حصانة لبيروت»، مضيفاً أن «العدّ التنازلي لردنا القوي بدأ ولن يوقفه إلا قبول حزب الله بوقف إطلاق النار».
أما موقع «وللا» العبري فأشار إلى أن جيش العدو «يعمل على تحديد أدق لبنك الأهداف، وكذلك للذخيرة التي ستُستخدم في الطائرات الحربية المُعدة للهجوم».
وفي التعليقات، اعتبر مراسل ومحلل الشؤون العسكرية رون بن يشاي أن «حزب الله تحوّل إلى التهديد المركزي، الذي يحرق المنطقة الشمالية ويحتجز عشرات آلاف الإسرائيليين رهائن خارج منازلهم، وأن على إسرائيل الوصول إلى حسم واضح أمام حزب الله، على نحو يمكّنها أيضاً من استعادة الردع لأن الوضع الذي خلقه حزب الله في الأشهر الأخيرة في الشمال يحتّم تغيير سلّم الأولويات الأمنية وأهداف الحرب».
من جهته قال رئيس مجلس الأمن القومي السابق، غيورا آيلند إن حزب الله «جيش متطور لا مثيل له، ولديه بين 70 و80 ألف مقاتل منظمين ومدرّبين ومجهزين جيداً». واعتبر أن حزب الله «أغلق في السنوات الأخيرة فجوتين مع إسرائيل هما الأسلحة الدقيقة والطائرات المُسيّرة بدعمٍ من إيران، والمنظومات التي يملكها حزب الله لا تقل عن المنظومات الأكثر تطوراً التي لدى إسرائيل، لذا فإن إسرائيل سترتكب خطأ إذا حاولت التعامل مع حزب الله بمصطلحات عسكرية فقط».
كذلك من جهتها، فسّرت «القناة11» كلام نصرالله بأنه «يمهّد الطريق، وكذلك يحضّر الجمهور اللبناني، لاحتمال حدوث مواجهة شاملة، ويحاول إظهار أن التنظيم جاهز سواء على المستوى الاستخباري، أو على مستوى الأسلحة والأفراد».