في تعاون فريد من نوعه، تمكَّن باحثون من جامعة «هارفرد» الأميركية وعلماء من «ديب مايند» التابعة لشركة «غوغل»، من إنشاء دماغ اصطناعي لجرذ رقمي. ويمثّل هذا العمل المبتكر الذي نُشر في مجلة Nature في 11 حزيران (يونيو) الحالي، تقدّماً كبيراً في دراسة كيفية تحكّم الأدمغة في الحركات المعقّدة باستخدام تقنيات محاكاة الذكاء الاصطناعي المتطوّرة.لبناء دماغ الجرذ الافتراضي، استخدم فريق البحث بيانات عالية الدقة مُسجلة من جرذان حقيقية. وقد عمل باحثو «هارفارد» مع فريق «ديب مايند» لبناء نموذج رقمي لجرذ، واقعي من الناحية الميكانيكية الحيوية، مزوّد بشبكة عصبية اصطناعية (ANN) تعمل بمثابة الدماغ الافتراضي. ودُرّبت هذه الشبكة العصبية باستخدام «التعلم المعزّز العميق» ونماذج الديناميكا المعكوسة، ما مكَّنها من توليد القوى اللازمة لإنتاج مجموعة واسعة من السلوكيات، بما في ذلك تلك التي لم تتدرّب عليها صراحةً.
وبالنتيجة تمكّن الباحثون من بناء دماغ افتراضي قادر على التحكم في نموذج جرذ ثلاثي الأبعاد واقعي من الناحية الميكانيكية الحيوية داخل محاكٍ فيزيائي متطور، يحاكي عن كثب حركات القوارض الحقيقية. يُقدّم هذا الإنجاز نهجاً جديداً لسبر الدوائر العصبية المسؤولة عن السلوكيات المعقّدة، ما قد يؤدي إلى رؤى قيّمة في طريقة عمل الأدمغة الحقيقية المعقدة.
وفي هذا السياق، قال أستاذ علم الأحياء العضوي والتطوّري في «هارفرد»، بنس أولفسكي، إنّه «بينما يهتم مختبرنا بالأسئلة الأساسية حول كيفية عمل الدماغ، يمكن استخدام المنصة، لهندسة أنظمة تحكّم روبوتية أفضل».
ورأى أولفسكي أنّ الدراسة فتحت المجال أمام ابتكار مجال جديد وهو «علم الأعصاب الافتراضي»، ما يوفّر محاكاة للآليات العصبية المسببة لمختلف اضطرابات الأعصاب. وبالنظر إلى المستقبل، يخطّط الباحثون لمنح الجرذان الافتراضية المزيد من الاستقلالية لحل المهام المشابهة لتلك التي تواجهها الجرذان الحقيقية.