في ما يمثّل أزمة جديدة في سلة الأزمات التي تهز استقرار ائتلاف «معسكر المؤمنين»، اضطر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تحت جنح الظلام، إلى إزالة «قانون الحاخامات» عن جدول أعمال لجنة القانون والدستور البرلمانية. وأتى ذلك بعدما أدرك نتنياهو أنه لن ينجح في تجنيد الغالبية العددية لتمرير القانون، رغم «المؤامرة» التي حاكها من وراء الكواليس مع القائمة «الموحدة» بقيادة منصور عباس، ليتغيّب أعضاء الأخيرة عن الجلسة، بما يضمن تمرير القانون، وفقاً لما اتهمه به وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.وتعود الأزمة المستجدّة إلى أن حزب «شاس» الحريدي، والذي يمثّل اليهود السفارديم، يسعى إلى نقل صلاحية تعيين الحاخامات من رؤساء السلطات المحلية والبلديات، إلى وزارة الأديان التي يسيطر عليها، بما يضمن عملياً تعيين مئات الحاخامات الموالين له، وبالتالي توفير مئات الوظائف لجمهور ناخبيه. ويصطدم ذلك بمعارضة شديدة من جانب أعضاء ووزراء في «الليكود» ذوي توجهات ليبرالية، وأيضاً بضغط من رؤساء البلديات، وأعضاء ووزراء في كتلة الصهيونية الدينية، وخصوصاً حزب «عوتسماه يهوديت» الذي يقوده بن غفير، المتهم أساساً بأنه «يشفط» من أصوات ناخبي الأحزاب الحريدية؛ إذ تدّعي الأخيرة أنها خسرت المقعد الثامن في أحد مركبات كتلتها، بسبب آلاف الأصوات القليلة من جمهورها، والتي صوّتت لحزب بن غفير في انتخابات الكنيست الأخيرة. فضلاً عما تقدّم، يرى أعضاء في «الليكود» أن الوقت ليس مناسباً لمكافأة حزب «شاس»، وخصوصاً بعد تمديد تهرّب الشبان الحريديين من الخدمة العسكرية، في وقتٍ تتنكر فيه الحكومة للجيش الذي يئن جنوده وضباطه، وخصوصاً الذين يخدمون في الاحتياط، تحت وطأة تحمّل العبء الأمني وحدهم، ويتكبدون الخسائر الجسيمة، بمقتل وإصابة رفاقهم المقاتلين، وتعطل أعمالهم وروتين حياتهم بسبب الحرب.
وبعد منتصف الليل، وعلى إثر المعارضة الشديدة، اضطر نتنياهو إلى إزالة «قانون الحاخامات» عن جدول الأعمال قبل التصويت عليه بالقراءة الأولى، والتي كان من المفترض أن تجري أمس. وأتى ذلك بعدما فشلت مساعيه في أن يضمن غالبية مؤيدة لمشروع القانون، عبر إخراج عضوي الكنيست من حزبه، طالي غوتليف وموشيه سعاده، من عضوية لجنة القانون والدستور، بعدما أبديا معارضتهما للمشروع. كذلك، أعلن عضو الكنيست من حزب «عوتسما يهوديت»، يتسحاق كرويزر، معارضته للمقترح، ما جعل نتنياهو يعتقد أنه لن تكون هناك غالبية مؤيدة له في اللجنة. وفي هذا الإطار، قال سعاده، للإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، في تصريح لافت، إن «نتنياهو ليس مهتماً بهذا القانون، وقد قال لي ذلك. وهو يريد فقط أن تستمر ولاية هذه الحكومة».
دفعت إزالة القانون عن جدول الأعمال، بحزب «شاس» إلى التهديد بتفكيك الائتلاف وحل الحكومة


ودفعت إزالة القانون عن جدول الأعمال، بحزب «شاس» إلى التهديد بتفكيك الائتلاف وحل الحكومة، إذ نقلت «هيئة البث العامة الإسرائيلية» (كان 11) عن مصادر في الحزب قولها، إن «تفكيك الائتلاف بشكل كامل هو مجرد مسألة وقت». كما هاجم مسؤولون في «شاس» حزب «الليكود»، واعتبروا، وفقاً لـ «كان 11»، أنه «لا يوجد ائتلاف، ولا توجد طاعة. إنه لأمر محبط أن الليكود هو عبارة عن 35 كتلة منفردة. حلّ الائتلاف الحاكم هو مجرد مسألة وقت فقط». وطبقاً لما نقلته صحيفة «إسرائيل اليوم»، بدورها، حول المحادثة الهاتفية القاسية بين نتنياهو ورئيس «شاس»، أريه درعي، فقد قال الأول للأخير إنه «لا يمكن تمرير ذلك، لا توجد لدّي غالبية، ورؤساء البلديات يضغطون عليّ. بن غفير لا يصغي إلي، لا يمكن ذلك». ورداً عليه، صرخ درعي: «لقد فقدت السيطرة. أنت لا تسيطر على شيء. أعضاؤك يفعلون ما يحلو لهم وهذا غير مقبول. إما أنه يوجد ائتلاف أو لا. منذ إقامة الدولة لم تكن هناك حكومة متنكرة للجمهور الحريدي كما فعلت هذه الحكومة».
أمّا «القناة 12» فذكرت أن درعي قال لنتنياهو: «ممنوع أن تتّكل على القائمة المشتركة وعباس، لدينا 64 عضواً»، ليجيب نتنياهو: «ولكنني لا أنجح في إقناع الـ64. هناك متمرّدون في الليكود، إضافة إلى بن غفير»، ليرد درعي بالقول: «إذاً فلتفهمهم ماذا يعني ذلك. منذ سنوات ونحن ننتحر من أجل هذه الحكومة، ولكن ما الذي تريدني أن أقوله للجمهور والحاخامات؟ هل ترى أنه من المعقول أن أقول لهم لقد فقد رئيس الحكومة السيطرة؟». وعندئذ تساءل نتنياهو: «إذاً ماذا سيكون»، فرد درعي: «قرر ما الذي تريده، أنت رئيس الوزراء. إن كنت تظن أننا نصطنع الغضب فهذا غير صحيح، لكنّ الأمر محزن».
وتقاطعاً مع ما تقدم، أوضحت مصادر «شاس»، لـ«كان 11»، «أننا لن نذهب إلى انتخابات بسبب هذا القانون، رغم أنه يدفعنا إلى هذا الاتجاه»، مشيرين إلى أن «وزراء الحزب سيركزون على العمل في وزاراتهم كي يتمكنوا من إنجاز أكثر ما يمكن إلى حين تفكك الحكومة. وأرييه درعي سئم من أن يكون مسؤولاً عن الطاعة في الليكود. فلديهم رئيس للحزب وهو المسؤول عن توجيه أعضاء الكنيست من حزبه، مثلما يجلب درعي أعضاء شاس إلى أي تصويت بالضبط».