لا تُخفي القاضية نجاة أبو شقرا أن تولّي منصب رئيسة نادي قضاة لبنان كان بمثابة حلم لها، رغم علمها أن ذلك سيجرّها إلى مواجهات على أكثر من صعيد. في حوار مع «القوس» بعد انتخابها رئيساً لنادي قضاة لبنان، تحدثت أبو شقرا عن التحديات التي تواجه عمل القضاة والنادي، وشدّدت على أن القاضي ليس موظفاً عند أحد، ووزارة العدل ليست سلطة وصاية على القضاء، ولا يمكن أن يُحرم القاضي من حقه في إبداء الرأي والتعبير الذي كفله الدستور اللبناني والمواثيق الدولية بحجة «موجب التحفظ» الذي ينبغي أن يُحترم ضمن إطار عدم إبداء القاضي رأيه في الملفات التي ينظر فيها أو توجيه انتقاد لقاضٍ يتولى ملفاً معيناً، في حين يحاول البعض استخدامه لجعل القاضي مواطناً منتقص الحقوق الدستورية


من هي القاضية نجاة أبو شقرا؟
- هي أول سيدة تتولى مركز قاضي تحقيق لدى المحكمة العسكرية ولا تزال، وشمل عملها النظر في عدد من الملفات الخطيرة والحسّاسة في قضايا الإرهاب، من بينها ملف معارك عرسال والتعامل مع العدو ومخالفة قانون مقاطعة إسرائيل وقضايا المخدرات وغيرها. ونالت أخيراً الدكتوراه في الحقوق من جامعة بيروت العربية بدرجة ممتاز (راجع «القوس»، 10-12-22، من هي القاضية نجاة أبو شقرا؟).

القاضي ليس موظفاً عند أحد
- تشدد القاضية نجاة أبو شقرا على «انتماء القضاة إلى سلطة دستورية مستقلة»، إذ «انطلاقاً من الدستور اللبناني، يجب التعاطي مع السلطة القضائية كسلطة مستقلة غير تابعة لأحد. لا يجوز التعاطي مع القاضي كالموظفين الذين يتبعون للسلطة التنفيذية، فيما نتبع كقضاة للسلطة القضائية. هناك فرق بين الموقعين، رغم أن كل طرف يحتاج إلى الآخر».
وهي تنتقد منع القاضي من التعبير عن رأيه في الشؤون العامة بحجة «موجب التحفظ» الذي ينبغي أن يُحترم في إطار «عدم إبداء رأي مسبق من قبل القاضي في الملف المعروض عليه، كما يمنع عليه إبداء انتقاد شخصي لقاضٍ آخر خلال نظره في الملف». وتضيف: «إذا بدكم القاضي ما يكون عنده رأي، امنعوه من الانتخاب في الانتخابات النيابية والبلدية. عندما تسمحون للقاضي أن ينتخب فهذا يعني أنكم تسمحون له بالتعبير عن رأيه السياسي».

سقفنا القانون والعدالة
- «نؤمن باستقلالية السلطة القضائية حتى لو لم تكن موجودة على أرض الواقع وفي القانون» تقول أبو شقرا، مشيرةً إلى ثوابت نادي قضاة لبنان وفي مقدمتها «احترام الجميع، وعدم الخوف من أحد، كل ذلك تحت سقف واضح ومحدد هو سقف القانون والعدالة». وشدّدت على أن «انتخابات النادي تثبت أنه بعيد عن المذهبية والسياسية والمناطقية، لا نفكر بمذهب القاضي ودينه، بل بكفاءته وما يمكن أن يقدمه للنادي، والأهم أنه لا توجد شخصانية في عمل كل من ينتمي إلى النادي. فما تم البدء به في الولاية الأولى مع القاضية أماني سلامة، جرى استكماله في الولاية الثانية مع القاضي فيصل مكي، وسيستمر معي في الولاية الثالثة».
وتلفت إلى أن «نادي قضاة لبنان أثبت حضوره الفاعل في مختلف المحافل القانونية، وهو يشارك في اللجان الفرعية للجنة الإدارة والعدل بدعوة من رئيس اللجنة ورؤساء اللجان الفرعية، يؤخذ برأيه، وهو موجود في منتدى العدالة، ويشارك في عدد من الورش القانونية والحقوقية».

(أنجل بوليغان)


أولوية نادي قضاة لبنان
- يتصدّر أولويات نادي قضاة لبنان إقرار قانون يحقق إستقلالية حقيقية وفعلية للسلطة القضائية ويكرس حق القضاة في التجمع للدفاع عن إستقلالية هذه السلطة وللدفاع عن القضاة والقضاء، ويحتل موضوع الوضع المالي للقضاة أولوية كبيرة، وخصوصاً في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر فيها البلد، فالقاضي يفترض أن تؤمن له الحاجات الأساسية حتى يستطيع أن يقوم بدوره على أكمل وجه. وتؤكد أبو شقرا «أننا سنعمل على مواجهة مختلف التحديات التي تواجه عمل القضاة في لبنان، ولن يألو جهداً ومسعى لتحقيق ذلك». وتتابع: «نجاح نادي قضاة لبنان ليس نجاحاً لرئيسه كائناً من كان، بل هو نجاح للرئيس مع الهيئة الإدارية بدعم من الهيئة العامة».
لا يجوز التعاطي مع القاضي كالموظفين الذين يتبعون للسلطة التنفيذية، فيما نتبع كقضاة للسلطة القضائية


مقر للنادي في قصر العدل
- تبدي أبو شقرا عتباً على عدد من الشخصيات القضائية ووزراء العدل المتعاقبين الذين تم التواصل معهم في الولايتين الأولى والثانية للحصول على مقر للنادي في قصر العدل يسمح للأعضاء بالاجتماع تسهيلاً لحركتهم على غرار عدد من الجهات، مؤكدةً أنها ستستمر في هذا المسعى، إذ «لا يجوز لنادي القضاة مع كل فاعليته أن لا يكون له مقر في قصر العدل. لكن، رغم ذلك، عدم إعطائنا مقراً لن يلغي وجودنا الذي كرّسته مصداقيتنا والعمل الشفاف الذي نقوم به».

هيئة إدارية جديدة لنادي قضاة لبنان
- سنداً إلى نظامها الداخلي الذي ينص على وجوب انتخاب هيئة إدارية جديدة قبل شهر من انتهاء ولاية الهيئة الحالية، التأمت الجمعية العمومية لنادي قضاة لبنان في 22 حزيران 2024 وانتخبت هيئة إدارية جديدة لولاية تمتد لثلاث سنوات. وفازت القاضية نجاة أبو شقرا بمنصب رئيس النادي، وبعضوية الهيئة الإدارية كل من القضاة طارق طربيه، رولا شمعون، فاطمة ماجد، نور الدين صادق، طارق صادق (عن القضاء العدلي)، بسام وهبه (عن القضاء المالي) وجرير عبد الصمد (عن القضاء الإداري).
بعد ذلك، اجتمعت الهيئة الإدارية المنتخبة وانتخبت القاضي وهبه نائباً للرئيس، القاضي عبد الصمد أميناً للسر والقاضية ماجد أميناً للصندوق. علماً أن ولاية الهيئة الإدارية الجديدة للنادي ستبدأ قانوناً بتاريخ 23 تموز 2024.


* رئيسة نادي القضاة