لا تكفّ واشنطن عن المراوغة وممارسة الألاعيب، حتى يكاد يمكن القول إن السِّمة التي لازمت الأداء الدبلوماسي الأميركي طوال هذه الحرب، هي الخداع، وإن بشكل فاقع ومفضوح. وخلال الأسبوعين الماضيين، لم تترك الخارجية الأميركية، وموفدو الرئيس جو بايدن الخاصّون، جهة أو دولة في المنطقة والعالم، إلا أبلغوها بأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة اقتربت من نهايتها، وأن الولايات المتحدة ترعى مفاوضات شاقّة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وستصل إلى نتائج إيجابية خلال وقت قصير. وقبل ذلك، عمدت واشنطن إلى اتخاذ كامل الإجراءات العسكرية والسياسية، الترهيبية والترغيبية، لمنع انفلاش الحرب في المنطقة، وسعت بلا كلل من أجل الحيلولة دون تفعيل جبهات المساندة، في لبنان واليمن والعراق. وإذ فشلت في وأد هذه الجبهات، فهي استمرت في التعامل معها بحذر، باعثةً برسائل في كل الاتجاهات، مفادها أنها تريد إنهاء الحرب، وهي تمارس ضغوطاً على إسرائيل في هذا الاتجاه. إلا أن الحقيقة هي أن واشنطن تريد إدارة الحرب بطريقة تحقّق لها ولتل أبيب إنجازاً سياسياً حقيقياً، وإنجازات أمنية غير بسيطة، وتحدّ من الضرر الذي أصاب الأمن القومي الأميركي والإسرائيلي.