من المعرض
بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء غزّة وجنوب لبنان، قدمت الكاتبة تغريد عبد العال معرض سكريّة وسط حضور حاشد، قائلةً: «لقد قلبت يوميّات غزّة الزمن، وصار لفلسطين تقويم خاصّ في قلب الشعوب، لكنّ تلك اليوميّات امتزجت مع قلوبنا وأرواحنا ويومياتنا، فنساند غزّة لأننا أصبحنا داخلها، ولأنّ القضيّة أكبر من مكانٍ وزمان». ثمّ نقلت عبد العال اعتذار الكاتب صقر أبو فخر الذي اضطرته الظروف إلى التغيّب وعدم إلقاء كلمته، ليُلقي بعدها أبو ستّة، كلمة شكر للجهة المنظّمة للمعرض (أكاديميّة دار الثقافة في مخيّم مار الياس) ولجهود سكريّة. ثمّ تحدّث عن أهميّة الأنشطة المتنوعة التي تسهم في رفع أصوات أهالي غزّة، مضيفاً: «نحن في معركة إرادات، وكل نشاط نقوم به في أي مكان سواء هنا أو في الخارج إنما هو لإيصال صوت شعبنا في غزة، وما يعانيه في ظل حرب الإبادة التي تشنّها الحركة الصهيونيّة عليه».
على أحبال تشبه أحبال الغسيل، قدّم المعرض أكثر من ثمانين رسمة متنوّعة بموادها، فبعضها نُفّذ بأقلام الرصاص، وبعضها بالفحم أو الأقلام الخشبيّة الملوّنة، فيما الطاغية كانت تلك المنفذة بالأقلام المائيّة. تتوحّد الرسومات في موضوعها لتوثّق يوميّات غزّة في ظلّ حرب الإبادة التي تشنها قوّات الاحتلال الإسرائيلي. تصوّر سكريّة بضربات قلمها المنفعلة مشاهد التدمير والأطفال المبتوري الأطراف، ووقفات التضامن العالميّة مع أهالي غزّة، وعدالة قضيتهم، وتحافظ على فسحة الأمل المتبقيّة لدينا عبر تخيّلها للورود التي ستُزهر من جديد في الأرض المنكوبة. من دون تكلّف، تبرز إمكانات سكريّة الفنيّة في هذه الرسومات الأشبه بالتخطيطات السريعة، ويسهل إدراك سلاسة تعاملها مع أقلام الرسم.
تُقَدَّم الرسومات ذاتها بصيغة أُخرى، فتُطبع على أكياس قماش الخام لتصبح رسومات قابلة للاستخدام اليومي من قبل مشتريها. تذهب الرسومات الأصليّة وأكياسها، بجميع ريعها إلى دعم صندوق غسّان أبو ستّة الذي باشر الأسبوع الماضي في علاج أوّل طفل غزّاوي مصاب.
هكذا توظّف سكريّة الغضب الذي يشتعل في داخلها جرّاء ما يحصل من ظلم وجرائم على الأراضي المحتلّة، لتحوّله إلى رسومات تخترق العين بسهولة، فيُحفر وجع غزّة على الورق كي لا ننساه يوماً.
* معرض «يوميّات غزّة»: حتّى يوم غدٍ - ملتقى «السفير» (الحمرا). للاستعلام: 81/857880