كاد أن يتحوّل نهار الأشرفية، أمس، إلى يومٍ دموي بعدما تداعى بعض أبنائها إلى وقفةٍ احتجاجاً على خرق قرار قضائي بإخلاء العقار الرقم 3940 في الأشرفية (مساحته 792 متراً مربعاً)، بالتوازي مع دعوة إلى وقفةٍ أخرى في المنطقة نفسها دعا إليها بعض أبناء العشائر العربيّة في عكّار وأبناء العاصمة دفاعاً عن شاغلي العقار نفسه.واستند كل من الطرفيْن الداعييْن إلى نواب منطقته، وإلى مستنداته؛ أبناء الأشرفية يؤكدون أنّ العقار الذي تعود ملكيّته لبلديّة بيروت، وقّعت مطرانيّة الأرمن للروم الأرثوذكس عام 2012 عقداً لاستثماره لمدّة 99 عاماً، أسوةً بباقي الطوائف التي استفادت من عقارات بلديّة بيروت المُحاذية لعقاراتها لتحويلها إلى مدافن، ولم تنجح الإشارات القضائيّة في إخراج شاغل العقار عيسى سليمان من الأرض الذي أجّرها لنازحين سوريين وفتح فيها بعض المصالح، إلى أن نفّذ العناصر الأمنيون أخيراً قرار النيابة العامّة التمييزيّة بختم العقار بالشمع الأحمر وإخراج سليمان. وأصدر نوّاب المنطقة غسان حاصباني ونقولا صحناوي ونديم الجميل وجان طالوزيان وجهاد بقرادوني وهاكوب ترزيان، قبل يومين، بياناً استنكروا فيه «عودة المحتلين إلى العقار وقيامهم بفضّ الأختام بشكل مخالف للقانون ومن دون قرار قضائي».
دفع ذلك ببعض نواب عكّار وبيروت، وعلى رأسهم نبيل بدر ووليد البعريني، إلى التدخّل «نُصرةً» لسليمان ابن عكّار، إذ إنّ شاغل العقار «ضحيّة، ومن حقّه الخروج بكرامته لكوْنه يشغل العقار منذ عام 1956»، على ما يقول بدر، مؤكداً لـ«الأخبار» أنّ «القضيّة ليست طائفيّة (سليمان أرثوذكسي) أو مناطقيّة، وإنّما هي إنسانيّة بحت لتأمين خروج لائق من العقار».
ويؤكد «مناصرو» سليمان أن القرار القضائي صدر بعد إرغام عناصر أمنيين والد سليمان على توقيع تعهّد بالإخلاء، رغم أن الأخير يُعاني من الألزهايمر، وهو ما أكّده نجله بعدما تقدّم بشكوى على العناصر الأمنيين بتهمة التواطؤ، وأرفقها بمستندٍ صادر عن الكاتب بالعدل يؤكد أنّ والده لا يتمتّع بالأهليّة لتوقيع مثل هذا التعهّد.
كلّ ذلك، أدّى إلى تراشق بالاتهامات والبيانات، والتهديد بالنزول إلى الشارع. وأدت الدعوتان إلى الوقفتين في الموعد نفسه، إلى دخول أجهزة أمنيّة على خط التهدئة خصوصاً بعد ورود معلومات عن تحضيرات لـ«جنود الرب» لمواجهة «غزوة الأشرفية». ونجحت الاتصالات في فض التحرك (أعلن بدر والبعريني عن ذلك في بيان)، والاستعاضة عنه باجتماعٍ في مكتب محافظ بيروت القاضي مروان عبود أمس، في حضور النوّاب المعنيين للتوصّل إلى حل يُرضي الطرفين.
وعلمت «الأخبار» أنّ الاجتماع المُقتضب الذي حضره النائب سجيع عطيّة باعتباره وسيطاً بين الطرفين، إلى جانب النائبين بدر وترزيان ورئيس البلدية عبدالله درويش، كان «إيجابياً، وتمّ التوافق مبدئياً على إخلاء العقار على أن يصدر عبود بياناً تفصيلياً بالطريقة التي سيتم اتّباعها لذلك».