بغداد | تسعى الحكومة العراقية إلى إيجاد مساحة من التفاهم مع «المقاومة الإسلامية في العراق»، لاحتواء الموقف بعد انتهاء مهلة الهدنة التي التزمت بها الفصائل في هجماتها على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، وبدء التلويح باستئناف العمليات العسكرية ضد تلك القواعد. ويأتي ذلك فيما أكدت مصادر رفيعة المستوى أنّ رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، توسّط لدى طهران لمخاطبة حلفائها بعدم التصعيد. وكانت فصائل المقاومة أعلنت في بيانات سابقة، أنها مستعدّة لإعادة استهداف المصالح الأميركية في العراق، في ظل المماطلة في المفاوضات الحكومية مع الولايات المتحدة لسحب القوات الأميركية من البلاد، مؤكدة أنها ستستمر في تنفيذ عمليات نوعية ضد مواقع حيوية تابعة لإسرائيل في الأراضي المحتلة. ورداً على ما جرى تداوله في أعقاب ذلك من أنباء عن احتمال قيام السوداني بزيارة لطهران، يقول مصدر حكومي، لـ«الأخبار»، إنه لا توجد ترتيبات حتى الآن لمثل هذه الزيارة، مستدركاً بأن «السوداني في اتصالات مستمرة مع الجانب الإيراني، لغرض مناقشة الأحداث والتصعيد الذي تشهده المنطقة عموماً وقطاع غزة خصوصاً»، مضيفاً أن «المناقشات لم تخل من الحديث عن نشاط فصائل المقاومة، وإيران تؤيد الحكومة في موضوع التهدئة وعدم التصعيد». وإذ يؤكد المصدر عدم علمه بطلب السوداني من طهران التوسّط لإيقاف تهديد الفصائل للأميركيين بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، تقول مصادر أخرى رفيعة المستوى، لـ«الأخبار»، إن رئيس الوزراء طلب بالفعل من الإيرانيين مخاطبة حلفائهم بعدم الانجرار وراء ما يحدث في المنطقة، وخاصة بين إسرائيل و«حزب الله».
من جهته، يؤكد قيادي رفيع المستوى في «الإطار التنسيقي»، لـ«الأخبار»، أنّ رئيس الحكومة «طلب من فصائل المقاومة أن تلتزم الحياد والهدوء وعدم التصعيد ضد المصالح الأميركية، مراعاة لحساسية الأوضاع التي تمر بها المنطقة». ويشير إلى أن «بعض الفصائل، ولا سيما كتائب حزب الله، غير راضية تماماً عن أداء السوداني في ملف إخراج القوات الأميركية، وأبلغته أكثر من مرة بأنها غير ملتزمة بالهدنة، وأن تعليق عملياتها العسكرية داخل العراق جاء بناءً على طلب إيراني وليس من السوداني». ويستبعد القيادي سيناريو إدارة الفصائل ظهرها للسوداني، لكنه يقول إن «الأخير غير مطمئن إلى تحرّكات وتصريحات الفصائل، خاصة بعد مهاجمة بعض الأفراد المطاعم الأميركية في بغداد، كخطوة أولية لكسر الهدنة بعد انتهاء موعدها». ويلفت إلى أنّ «الحكومة تسير بخطى بطيئة في إنجاز ملف المفاوضات الخاصة بإنهاء مهام قوات التحالف الدولي، وهذا ليس ذنب السوداني وحده، وإنما هناك إجراءات فنية معقّدة، فضلاً عن أن الإدارة الأميركية لا ترغب في الخروج حتى لا يُعتبر خروجها انتصاراً للمقاومة ولا تخسر مصالحها».
في المقابل، يقول القيادي في «الحشد الشعبي»، علي الموسوي، بدوره، إنّ «الفصائل والحشد الشعبي ملتزمون بتوصيات القائد العام للقوات المسلحة (السوداني)، وينتظرون نتائج المفاوضات النهائية، وبالتالي ليس هناك تصعيد حتى الآن على أرض الواقع». ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «العراق لديه موقف شجاع منذ بداية أحداث غزة في إدانة ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم بحق الفلسطينيين، فضلاً عن موقف المقاومة المشرّف على كلّ الصعد». ويرى أن «ليس من مصلحة العراق التصعيد أو اتخاذ موقف قد يؤزّم الأوضاع أو يعرّض البلاد للخطر»، لافتاً إلى أنّ «السوداني في تواصل مع جميع الأطراف سواء كانت عراقية أو إيرانية أو لبنانية أو سورية لغرض الحفاظ على التهدئة وعدم زجّ العراق في أي خطر تتعرض له المنطقة».