على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

فضيحة الـ «دايلي تلغراف» سلّطت الضوء على الإعلام الغربي وضحالته وانحيازه وركاكة مصادره. نحن مبهورون بالإعلام الغربي كثيراً ولا نفرّق بين أنواعه. مثلاً الـ «تلغراف» في أسفل السلّم ومعظم السكوبات التي نشرتها الجريدة أثناء الحرب السوريّة ثبُت بطلانها، وكانت تقاريرها تعتمد إما على «الجيش الحرّ» أو على مراسلين من اللبنانيّين واللبنانيّات. في عام 2015، نشرت سكوباً عظيماً على الصفحة الأولى تحدّثت فيه عن اعتقال علي المملوك لأنه كان يحضّر لانقلاب على بشّار الأسد. وظهر المملوك في صورة مع الأسد بعد أيام وتبيّن كذب الخبر. الخبر كان مصدره الصحافيّة كارول معلوف التي كانت مقرّبة من «الجيش السوري الحرّ» و«النصرة». أنا خبرتُ الإعلام الغربي مبكراً. أثناء دراستي الجامعية (عندما كان موضوع الرهائن يشغل الإعلام)، عملتُ مستشاراً في شؤون الشرق الأوسط لشبكة «إن. بي. سي». وكانوا يطلبون مشورتي في مواضيع التغطية. مرة اتصلوا بي بعد انفجار في طائرة في أوروبا وسألوني عن هوية الطرف المسؤول. أجبتهم من شقّتي (في فرجينيا): لا أعلم وكيف لي أن اعلم؟ ضغطوا عليّ وأصرّوا. قلتُ لهم: أنتم تريدون تكهّنات؟ قالوا: نعم وفقط للمعلومات الخلفيّة. قلت: أصرّ أنني لا أعلم، لكن لو كان لي أن أتكهّن، فيمكن أن يكون الطرف، وأعطيتُ اسم تنظيم صغير لم يسمع به أحد. شكروني. في تلك الليلة، وفي النشرة الرئيسية لـ «إن بي سي»، ظهر المذيع توم بوركوف وخلفه صورة انفجار مع عنوان عريض: «سكوب من بيروت» واستهلّوا النشرة بالقول: «حصلت «إن بي سي» على سبق صحافي من بيروت مفاده أنّ التنظيم الذي فجّر الطائرة هو إلخ. لم أصدّق ما رأيتُ. كان هذا أبلغ درس تعلّمته في حياتي عن ضحالة الإعلام الغربي وعدم توثيق الأخبار عندما يكون الخبر مثيراً. القول إنّ كل خبر يحتاج إلى مصدرَين هو لكليّات الإعلام، وليس لغرف الصحافة. الـ «تلغراف» تراجعت في مقالتها عن الاستعانة بمنظمة «إياتا» وبخفّة واستخفاف بالقرّاء، غيّرت الصياغة كليّاً. لكن هناك صهاينة في لبنان مستعدون أن يمدّوا العدوّ بما يحتاج إليه من ذرائع.

0 تعليق

التعليقات