بعدما زار الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، القاهرة قبل نحو أسبوع، لعقد لقاءات مع المسؤولين المصريين، حول صفقة التبادل و«اليوم التالي» للحرب و«المصالحة الوطنية» الفلسطينية، وجّهت قطر، دعوة إلى النخالة لزيارتها على عجل، بعدما كانت قد عُقدت في الدوحة مباحثات مكثّفة، حضرها رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، ومدير الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، إضافة الى المسؤولين القطريين، واجتماعات منفصلة مع قيادة حركة «حماس». وجاءت دعوة «الجهاد» إلى قطر بهدف تعزيز الموقف الفلسطيني الموحّد، وكردّ ضمني من جانب الدوحة على التسريبات الإسرائيلية حول طلبات أميركية منها بالضغط على «حماس»، من خلال تخييرها بين الموافقة على المقترح المقدّم، أو مغادرة قطر. وهو ما نفاه القطريون في اتصالات مع «حماس»، وأكّدوا تمسكهم بالوساطة، مع ما تتطلّبه الأخيرة من تواجد لممثّلي المقاومة في الدوحة.ولبّى النخالة الدعوة القطرية، ووصل إلى الدوحة قبل يومين، حيث عُقدت لقاءات بين قيادتي «حماس» و«الجهاد»، بقصد إعادة تثبيت الموقف الموحّد من المفاوضات، والعروضات التي تُقدّم عبر الوسيطين القطري والمصري، أو تلك التي تُرسلها الولايات المتحدة عبرهما، بما في ذلك محاولات أميركية وغربية للتواصل مع كل جهة على حدة. وانعقد، أمس، لقاء جمع النخالة ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، حيث أكّد الطرفان أن «التعامل الإيجابي مع المساعي الدبلوماسية لا يعني القبول بالمقترحات من دون وضوح فيها». وبحسب مصادر مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار»، فقد «جرى تثبيت قاعدة جديدة لأي حوار أو تفاوض، تقول بأنه لا مجال لأي بحث تفصيلي، ما لم تُعرض ورقة تتضمّن نصاً صريحاً يشير إلى انسحاب كامل لقوات الاحتلال، ووقف نهائي لإطلاق النار، وضمانات برفع الحصار وإطلاق عملية إعادة الإعمار». كذلك، جرى تثبيت قاعدة أن «عملية تبادل الأسرى هي جزء من هذا الإطار، وليست خطوة منفصلة». وإضافة الى ما سبق، اتفق الطرفان على أن «العرض الأميركي الجانبي، الذي قُدّم خلال الأيام الأخيرة الماضية بشأن المفاوضات غير مقنع»، علماً أن ما نقله مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، عبر المصريين والقطريين، يفيد بأنه «بمجرّد إعلان حماس موافقتها على المقترح، سوف يخرج الرئيس الأميركي جو بايدن ليعقد مؤتمراً صحافياً يُعلن فيه التزام الولايات المتحدة الكامل بضمان استمرار وقف إطلاق النار، وعدم العودة إلى الحرب تحت أي ظرف». لكن مصادر فلسطينية اعتبرت أن «عملية النصيرات دلّت على أن الولايات المتحدة شريكة كاملة في العدوان، وهي ليست مؤهّلة لدور الوسيط المستقلّ، وأنها لم تضمن حتى منع استخدام الرصيف البحري العائم من قبل قوات الاحتلال، فكيف ستكون هناك ثقة بضمانات شفهية تصدر عنها، حتى ولو أطلقها الرئيس الأميركي نفسه؟».
القيادات العسكرية في غزة تؤكّد قدرتها على الصمود لزمن أطول مما يعتقد العدو


وفي موازاة ذلك، رفض الطرفان فرض إدارة مستقلّة من خارج إرادة أبناء غزة للوضع المدني في القطاع، أو محاولة فرض أمر واقع من خلال إلزام الناس بآلية جديدة لتسلّم المساعدات، عبر شخصيّات تختارها قوات الاحتلال، وتكون نواة مشروع يستهدف تجاوز «قوى المقاومة» في القطاع، أو الذهاب نحو فتنة فلسطينية – فلسطينية. كما عبّر طرفا المقاومة عن حذرهما في التعامل مع البرنامج الأميركي والغربي للمساعدات، بعد الذي حصل في النصيرات. وهما بحثا أفكاراً إضافية نقلها وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، إلى هنيّة، تشمل إعادة تأكيد أنقرة موقفها «الداعم» للمقاومة، ورغبتها في تصعيد الحركة الاحتجاجية ضد إسرائيل، وإمكانية وضعها «صيغاً سياسية قد تساعد على تحقيق توافق فلسطيني – فلسطيني بشأن اليوم التالي للحرب». كذلك، أبلغت تركيا قيادات المقاومة أنها ستكون شريكة أكيدة في مشروع إعادة إعمار غزة، مع تفصيل لمساعدات أُرسلت إلى القطاع.
وبالنسبة إلى الميدان، شدّد الطرفان على أن القيادات العسكرية المتواجدة في غزة، تؤكّد قدرتها على الصمود لزمن أطول مما يعتقد العدو، وأن برنامج عمل المقاومة مستمرّ بمعزل عن كل الضغوط القائمة، وأن «ردّها على عملية النصيرات سيكون بتكثيف العمليات ضد قوات الاحتلال، بما فيها العمل على أسر المزيد من الجنود الصهاينة».
وعلى خط موازٍ، وجّهت وزارة الخارجية الصينية دعوات إلى جميع القوى والفصائل الفلسطينية المنخرطة في «منظمة التحرير» أو خارجها، والتي تتواجد في فلسطين أو خارجها، لعقد اجتماع يومي 23 و 24 حزيران الجاري في الصين، متمنيةً أن يكون الحضور على أعلى مستوى قياديّ ممكن، فيما يجري الحديث عن دعوة روسيا إلى المشاركة عبر ممثّلين عن وزارة خارجيتها.