شكّل الملف السوري أحد أبرز محاور النقاش التركي – الخليجي خلال الاجتماع السادس لوزراء خارجية دول «مجلس التعاون الخليجي» والحوار الاستراتيجي الرفيع المستوى بين الجانبين، والذي استغله وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، للبعث برسائل غزل إلى دمشق تؤكد رغبة بلاده في المضي قدماً في المبادرة التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي، محمد شيّاع السوداني، لتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق. وأطلق فيدان، الذي ترأّس الوفد التركي خلال اجتماعات عديدة مع مسؤولين سوريين في العامين الماضيين، في إطار المبادرة الروسية – الإيرانية للتطبيع بين البلدين أثناء شغله منصب رئيس المخابرات التركية، من العاصمة القطرية الدوحة، تصريحات جديدة دعا من خلالها إلى ما سماه «اعتماد نهج شامل للوصول إلى حلول مستدامة للأزمات الإقليمية، وتوحيد مواقف جميع الأطراف المعنية بسوريا والعمل ضمن تنسيق أوسع». ورأى أن العراق «مثال جيد للتعاون الإقليمي الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج هائلة»، داعياً إلى «تحقيق مستوى أعلى من التكامل والتقدم المشترك في مجالات مثل الاقتصاد والتجارة والأمن والأبحاث العلمية من خلال تحالف أقوى بين دول المنطقة»، على حدّ تعبيره.وفيما تزامنت تصريحات الوزير التركي مع صدور بيان لـ«مجلس التعاون الخليجي»، بعد عقد النسخة الـ160 من الاجتماع الوزاري، أثنى فيه المجلس على إعادة الرياض فتح سفارتها في العاصمة السورية، يعيد ذلك إلى الأذهان مبادرة حاولت الإمارات قيادتها لتقريب وجهات النظر بين تركيا وسوريا على أساس اقتصادي. وكانت شكّلت تلك المبادرة الحجر الأساس لعودة العلاقات السورية – الخليجية (باستثناء قطر) إلى طبيعتها، وهي تقوم على مبدأ «الكل رابح»، عن طريق إعادة فتح طرق الاستيراد والتصدير بين الدول الخليجية وتركيا (بوابة أوروبا)، والتي تمر عبر سوريا، قبل أن تواجه عراقيل عديدة أبرزها تمسك أنقرة بوجود قواتها غير الشرعية على الأراضي السورية، وإصرار دمشق على خروج تلك القوات باعتباره المبدأ الأساسي لأي انفتاح مع الجارة الشمالية.
أعاد بيان «التعاون الخليجي» التذكير بالمبادرة العربية للحل في سوريا المجمّدة بسبب الضغوط الأميركية المستمرة


وإذ أعاد بيان «التعاون الخليجي» التذكير بالمبادرة العربية للحل في سوريا، والمجمّدة في الوقت الحالي بسبب الضغوط الأميركية المستمرة لعرقلتها، باعتبارها الحل الأمثل من وجهة نظر هذه الدول، شدّد على ضرورة عودة اللجنة الدستورية (المسار الأممي للحل في سوريا) إلى الانعقاد، بوصف ذلك خطوة أساسية على طريق الحل، معلناً دعم تحركات المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، والجهود المبذولة لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة إلى بلادهم. وشكّلت هذه الجهود النقطة الأبرز التي تحاول واشنطن منع إثمارها بشتى الطرق، سواء عبر تكثيف العقوبات على سوريا، أو التلويح بمعاقبة الدول التي تتعاون مع دمشق، بين وقت وآخر، برغم تراجع الأوضاع الإنسانية للنازحين واللاجئين بسبب تراجع الدعم المقدّم لهم إلى أدنى مستوياته.
والاجتماعات التي استضافتها الدوحة، التي لا تزال تتمسك بموقفها المعارض لدمشق وتقود مشروع دعم الفصائل في الشمال السوري، وتتمتع بعلاقات متينة مع «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة – فرع تنظيم القاعدة سابقاً) التي تسيطر على إدلب، سبقها اتصال هاتفي بين وزيري خارجية سوريا فيصل المقداد، والإمارات عبدالله بن زايد، لم تتسرب عنه معلومات كثيرة باستثناء البيان الرسمي الذي أشار إلى أن الطرفين «بحثا العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والأوضاع في المنطقة العربية والعالم». وأكّد البيان مواصلة «اللقاءات الثنائية بين الجانبين لبحث جوانب التعاون بمختلف أوجهها»، والاتفاق على «متابعة المباحثات في أقرب فرصة ممكنة»، في إشارة إلى لقاء قريب سيجمعهما، قد يحمل في طياته دفعاً للمبادرة العراقية، خصوصاً بعد الرسائل المستمرة التي بعثت بها أنقرة عبر مختلف المنصات، والتي يُنتظر أن تُتوّج بلقاءات قريبة بين مسؤولي البلدين في العاصمة العراقية بغداد.