اختتم وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، زيارته الاستثنائية للولايات المتحدة، في وقت تشهد فيه العلاقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، توتّرات شديدة، وخصوصاً أخيراً على خلفية اتهام نتنياهو، علناً، الإدارة، بحرمان إسرائيل من السلاح الذي «يحسم الحرب». وكان جزء كبير من زيارة غالانت عبارة عن «حفلة علاقات عامة»، هدفها القول للأميركيين إن إسرائيل لا يمكن لها إلا أن تكون أوثق حلفاء أي إدارة في البيت الأبيض، وإن ما يقوله نتنياهو لا يعبّر بالضرورة عن إجماع المسؤولين الإسرائيليين. وفي المقابل، بادله الأميركيون رسائل مشابهة، بإعلان البيت الأبيض أن واشنطن «لن تردّ على كل تصريحات نتنياهو»، إضافة إلى معاملة غالانت كزعيم ومسؤول سياسي إسرائيلي، أكثر منه كوزير حرب في حكومة نتنياهو.وفي هذا السياق، انشغل الأميركيون بإعداد وتقديم «جردة حساب» حول ما قدّموه من مساعدات لإسرائيل خلال الحرب، منذ «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن الولايات المتحدة قدّمت مساعدات عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي «بقيمة تفوق 6.5 مليارات دولار» مذّاك، فيما قالت «القناة الـ12» العبرية إن «مسؤولين في إدارة بايدن راجعوا مع غالانت «سطراً بعد سطر» قائمة جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك للردّ على ادّعاء نتنياهو حول تأخير إدارة بايدن شحنات الأسلحة».
وفي إسرائيل، كان رئيس هيئة أركان الجيش، هرتسي هاليفي، الذي يُتوقّع أن يعلن «القضاء» على «كتائب حماس» في رفح، خلال الأيام القادمة، يتحدّث عن «الثمن الباهظ» الذي دفعته إسرائيل، مقابل «هدف أسمى: تفكيك حماس، وقتل عناصرها، وتدمير بنيتها التحتية، وعدم السماح باستمرار حكمها، وعودة المختطفين، وإعادة الأشخاص الذين تمّ إجلاؤهم إلى منازلهم»، مشدّداً على «وجوب أن يكون الشمال والجنوب في أمن وتجدّد وازدهار». لكن الحقيقة التي يراها الجميع، هي أن أياً من هذه الأهداف لم يتحقّق بعد، على الرغم من «الثمن الباهظ» المستمرّ.
وعلى المنوال نفسه، كان نتنياهو يعيد تكرار ما قاله في كل مرحلة من مراحل الحرب، وكأن هذه الأخيرة لا تزال في أسابيعها الأولى، من قبيل أن «إيران تهدف إلى شن عملية برية مشتركة من جبهات متعددة تترافق مع قصف صاروخي»، لكن «أمامنا فرصة لإجهاض مخطط إيران عبر قطع يد حماس». وأشار إلى أن إسرائيل «ستخوض معركة طويلة، وعلينا أن نردع أذرع باقي محور الشر الإيراني». وفي المقابل، أضرم متظاهرون النار أمام مقرّ إقامة نتنياهو في القدس المحتلّة للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، فيما أغلقت الشرطة الإسرائيلية شارعاً يؤدّي إلى مكان إقامة رئيس الوزراء بالقدس، بالتزامن مع احتشاد المتظاهرين.
على خطّ مواز، جرت، خلال اليومين الماضيين، نقاشات بين المسؤولين المصريين والأميركيين حول سبل استئناف مباحثات التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى بين المقاومة والعدو. لكن هذه النقاشات التي استمرّت ساعات طويلة، «لم تحمل جديداً على مستوى المقترحات»، ما يشير إلى استمرار حالة الجمود السارية حالياً. وأتى ذلك بالتزامن مع حديث عن مقترحات أميركية وأوروبية سيجري طرحها بهدف تشغيل معبر رفح خلال الشهر المقبل، في وقت عُلم فيه أن مسؤولين من السلطة الفلسطينية شاركوا في المحادثات المتصلة بالمعبر، وأنه جرى تواصل بهذا الخصوص أيضاً مع مسؤولين في حركة «حماس» وفصائل المقاومة، علماً أن مصر تقود تلك الاتصالات انطلاقاً من موقفها الرافض لفتح المعبر في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي له.


مصر «تجامل» الإمارات على معبر كرم أبو سالم
سمحت مصر، للمرة الأولى، بدخول فلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، من أجل السفر والعلاج من السرطان في دولة الإمارات، في خطوة عُدّت بمثابة تراجع عن رفض القاهرة السماح باستخدام المعبر المخصّص للسلع فقط، كبديل من معبر رفح الذي دمّرته إسرائيل في أعقاب سيطرتها عليه. وغادر مرضى السرطان بتنسيق ورعاية أممية وبموافقة إسرائيلية، ثم انتقلوا على الفور إلى الإمارات، فيما تحدّث مصدر مصري، إلى «الأخبار»، عن «تنسيق على مستوى عالٍ في هذا الإطار، مع دولة الإمارات»، معتبراً أن «هذه خطوة إنسانية واستثنائية، لكون المرضى من الأطفال». لكنّ مصدراً مصرياً آخر أشار إلى أن الموافقة المصرية جاءت فقط «مجاملة لأبو ظبي».