أشعلت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أول من أمس، في أول مقابلة تلفزيونية له منذ اشتعال الحرب على قطاع غزة، موجة عارمة من الانتقادات والاتهامات، تجاه الرجل الذي باتت غالبية مواقفه وتصريحاته محلّ جدل واسع في الكيان على المستويات كافة. وقوبِل، أمس، حديث نتنياهو إلى «القناة الـ14» الإسرائيلية اليمينية المتطرّفة، حول استعداده للمضي في صفقة «جزئية»، لإطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين في غزة، ثم استئناف الحرب، بردود فعل غاضبة من المستوى السياسي، وعائلات الأسرى، وكذلك من الوسطاء، فيما استندت المقاومة إلى تصريحاته الصريحة والواضحة، لتجديد موقفها المتشبّث بصفقة تؤدي إلى وقف كامل وشامل للحرب، والتأكيد أن نتنياهو هو من يعطّل ويعرقل المفاوضات.وتعليقاً على تصريحات نتنياهو، اعتبر الوزير السابق في «كابينت الحرب»، غادي آيزنكوت، أن كلام رئيس الحكومة «يتعارض مع قرار مجلس الحرب»، فيما نقل موقع «واللا» العبري، عن مسؤول على صلة بالمفاوضات، أن تلك التصريحات «تتسبّب بضرر كبير لاحتمال التوصّل إلى صفقة». كذلك، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، إلى أن «تصريحات نتنياهو تتعارض مع التفويض الذي منحه لفريق المفاوضات بوقف الحرب في النهاية». ووصفت هذه المصادر كلامه بـ«الصادم»، مشيرة إلى أن «حماس كانت تريد التأكّد من الانتقال إلى المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى». ومن جهتها، دانت «هيئة أهالي الأسرى في غزة»، «تراجع نتنياهو عن المقترح المطروح لصفقة التبادل». واعتبرت العائلات أن «إنهاء الحرب في غزة من دون إعادة المحتجزين إخفاق قومي غير مسبوق وعدم تحقيق لأهداف الحرب»، منبّهة إلى أن «الحديث يدور عن التخلّي عن 120 محتجزاً، وهو ما يُعدّ مساساً بالتزام الدولة الأخلاقي تجاه مواطنيها». وأكّدت أنها «لن تسمح لهذه الحكومة ولرئيسها بالتنصّل من التزامهما بشأن مصير أحبّتها»، مشدّدة على أنه «من الواجب على رئيس الحكومة إعادتهم جميعاً». وفي السياق نفسه، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، قولهم إن «تصريحات نتنياهو أمس بشأن صفقة جزئية كانت صادمة لمسؤولي إدارة بايدن»، وإن «كلامه بعث برسالة إلى حماس بأن إسرائيل لا تنوي تنفيذ كل الاتفاق».
انشغلت إسرائيل، أمس، بتحوير مواقف نتنياهو وتلطيفها


وبالفعل، علّقت «حماس» على ما ورد في مقابلة نتنياهو، بالقول على لسان نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، خليل الحية، في تصريحات إعلامية، إن «تصريحات نتنياهو أمس واليوم هي تأكيد لما كنا نتحدث به دوماً، من أن حكومة الاحتلال الصهيوني لا تريد الوصول إلى وقف إطلاق النار ولا تريد تبادل أسرى حقيقياً». وأضاف الحيّة: «لطالما قلنا منذ أشهر، وقلنا للوسطاء وقلنا للجميع إننا جاهزون إذا ما كان بين أيدينا نصّ واضح وعرض واضح لوقف إطلاق النار والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وأن نذهب إلى صفقة تبادل حقيقية»، والآن، «نجد نتنياهو يعلن صراحة مكنونات كلماته، وما هو مستور في المقترح الأخير الذي يؤكّد ما يقوله نتنياهو اليوم، وهو دليل واضح على أنه يصطدم مع تصريحات الرئيس الأميركي بايدن الذي أعلن عن نيته ودعوته إلى وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الشامل وإعادة الإعمار وتبادل أسرى وغير ذلك». وأشار الحيّة إلى أن «نتنياهو يعلن صراحة أفكاراً وشعارات لاستمرار الحرب والعدوان، وهذا في ذمّة الوسطاء، وفي مقدّمتهم أميركا التي هي شريكة في هذه الحرب»، مضيفاً أن «تصريحات ومصداقية الرئيس الأميركي بايدن على المحكّ، وكذلك قرار مجلس الأمن الذي اعتُمد بشبه إجماع». ومن جهته، رأى نائب الأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، أن «نتنياهو لا يريد أن يوقف الحرب لأسباب سياسية وأيديولوجية، وموقفه هو أنه يريد الاستمرار في الحرب والعدوان». واعتبر الهندي أن «إسرائيل ستُستنزف، ولن تحلّ أي مشكلة حتى إذا ذهبت إلى المرحلة الثالثة»، مضيفاً أن «ما يتقرّر في الميدان هو الذي سينعكس في المفاوضات والسياسة».
وعلى المقلب المضاد، انشغلت إسرائيل، أمس، بتحوير مواقف نتنياهو وتلطيفها، حتى إن الرجل نفسه انقلب عليها. ونقلت «القناة الـ12»، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنهم أخبروا نظراءهم الأميركيين التزامهم بمقترح الرئيس جو بايدن، «على الرغم من تصريحات نتنياهو الأخيرة». وقال نتنياهو، بدوره، أمام «الكنيست»، أمس، إن «إسرائيل ملتزمة بالاقتراح الإسرائيلي (لوقف إطلاق النار)، والذي رحّب به بايدن»، مضيفاً أن «موقفنا لم يتغيّر».