شهدت إسرائيل أضخم تظاهرات - منذ السابع من أكتوبر - مناهضة للحكومة، ومطالبة برحيل رئيسها بنيامين نتنياهو، وإجراء انتخابات مبكرة، والتوصّل إلى صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فيما دعا قادة الاحتجاجات إلى إضراب عام اعتباراً من 7 تموز المقبل - بالتزامن مع مرور تسعة أشهر على الحرب -، حتى حل «الكنيست» وإسقاط الحكومة، وسط توقعات أيضاً بمزيد من الاتساع في رقعة التظاهرات السبت القادم. ويأتي ذلك في وقت أظهر فيه استطلاع للرأي نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، الجمعة الماضي، أنه في حال أجريت الانتخابات الآن، فإن بيني غانتس، زعيم «حزب الوحدة الوطنية» المعارض، سيتفوّق على نتنياهو باعتباره الخيار المفضّل لرئاسة الوزراء، بـ42% من الأصوات، مقابل 35% للأخير. وفي أعقاب أسبوع كامل من التظاهرات، عمّت شوارعَ العشرات من المدن المحتلة، ومن بينها تل أبيب، السبت، أكبر التظاهرات احتجاجاً على إدارة الحكومة للحرب، بمشاركة نحو 150 ألفاً من الإسرائيليين. وسبق ذلك مؤتمر صحافي لعائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، قرب مقر وزارة الحرب، أكدت فيه العائلات أنه «لن تكون هناك صفقة تبادل (...) من دون إقالة حكومة نتنياهو». ومن بين من برزت مشاركتهم في الاحتجاجات في منطقة النقب تحديداً، غانتس، الوزير المستقيل من «كابينت الحرب» المنحل، فيما ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أن رئيس جهاز «الشاباك» السابق، يوفال ديسكين، ألقى كلمة أمام الحشد في شارع كابلان في تل أبيب، انتقد فيها نتنياهو ووصفه بأنه «أسوأ رئيس وزراء وأكثرهم فشلاً في تاريخ الدولة»، داعياً إلى إجراء انتخابات «في أقرب فرصة ممكنة». أيضاً، خرجت تظاهرة في شارع الملك جورج، حيث مقر حزب «الليكود» الحاكم، وسارت إلى القدس المحتلة نحو مقر إقامة نتنياهو، للمشاركة في تجمع مشترك. وبعد انتهاء التظاهرة الرئيسية في المنطقة الأولى، بقي بعض المتظاهرين وقاموا بإغلاق الطريق وإحراق الإطارات، فتدخلت قوات الشرطة لتفريق الحشد، وألقت القبض على ثلاثة متظاهرين. وأظهرت لقطات فيديو أفراد الشرطة وهم يمتطون خيولهم وسط الحشود، ويدفعون العديد من المحتجين جانباً، بينما تدخّل متظاهرون آخرون لمحاولة منع الشرطة من إيذاء من يتم دفعهم.
وبالتزامن، شهدت شوارع القدس المحتلة تظاهرات حاشدة بالقرب من مقر إقامة نتنياهو، وصفها المنظّمون بأنها «أكبر احتجاج» منذ بدء الاحتجاجات. وفي كلمته خلالها، تحدّث عوفر هافاكوك، وهو جندي احتياطي وطبيب في مستشفى إيخيلوف، عن نقل الطبيبة المتطوّعة تال فايسباخ إلى المستشفى، بعدما أصيبت في وجهها الأسبوع الماضي بانفجار مدفع مياه خلال التظاهرات. وقال هافاكوك، وفقاً لـ«تايمز أوف إسرائيل»: «لا نحتاج إلى أن نسأل ما إذا كانت الشرطة مذنبة، بل نحتاج إلى أن نسأل من أرسلها»، في إشارة إلى وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، الذي يشرف على القوة. ومن جهتها، قالت الطبيبة دافنا شيفيت، للحشد، إنه على عكس شعار الحكومة «لا يوجد نصر مطلق، بل تنازلات مؤلمة فقط، ولكنها تنازلات أساسية وذات قيمة»، مشيرة إلى أن «مثل هذه التنازلات الجديرة بالاهتمام لن تحدث مع هذه الحكومة».
في غضون ذلك، كشفت شبكة «بلومبرغ»، في تقرير أمس، أن بعض قادة الأعمال الإسرائيليين، المحبطين من نتنياهو، «يعقدون مناقشات سرية، وإن كانت أولية، حول الخيارات المتاحة، بما في ذلك تشكيل حزب جديد، أو ترشيح مرشحين على قوائم قائمة، أو التطوع لشغل وظائف رئيسية في وزارات رئيسية»، علماً أن المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا كانوا في طليعة الاحتجاجات ضد خطط نتنياهو لإضعاف «المحكمة العليا» العام الماضي. أيضاً، دعا منتدى يضم أكبر 200 من قادة الأعمال في إسرائيل، إلى إجراء انتخابات مبكرة «لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة». ومن بين هؤلاء، رجل الأعمال إيال والدمان، الذي قال إن «ما أعمل عليه الآن هو تقديم موعد الانتخابات»، وذلك عبر محاولة «إقناع المشرّعين في حكومة نتنياهو بالانشقاق وإسقاط الائتلاف»، معتبراً أن «الحكومة الحالية هي عدو الدولة». وفي رسالة مفتوحة نُشرت الأسبوع الماضي، قال «منتدى قادة الأعمال» إن الانتخابات المبكرة ضرورية «كتصويت لا جدال فيه على الثقة من قبل أغلبية الجمهور في المسؤولين المنتخبين»، محذّراً من أن «مستقبل إسرائيل معرّض للخطر».