طبقاً للتصريحات التي صدرت عن عدد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، عقب عملية استعادة 4 من أسرى العدو في غزة، فإنّ هذه «المهمة»، أثارت شكوكاً حول إمكانية أن تكون واشنطن في صدد تقديم الدعم اللوجستي لحليفتها تحت غطاء «المساعدات الإنسانية»، كون «العملية» لم تكن لتتحقق، من دون المساعدة الأميركية «الاستخباراتية» على الأقل، والتي تقدمها واشنطن منذ السابع من أكتوبر للإسرائيليين، ولو حاول البعض تصوير الدور الأميركي على أنّه «ثانوي».
إجلاء الأسرى بمروحية حطّت عند الرصيف البحري (من الويب)

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤول إسرائيلي قوله إنّ «البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأميركية قدما لإسرائيل معلومات تم جمعها عبر الجولات التي أجرتها الطائرات المسيرة فوق غزة، وعمليات اعتراض الاتصالات، واستخدام وسائل أخرى لتحديد الموقع المحتمل للرهائن». وأشار المسؤول إلى أنّه رغم أنّ إسرائيل «تمتلك مخابراتها الخاصة»، إلا أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا حتى، تمكنتا من «توفير معلومات استخباراتية عبر الجو والفضاء الإلكتروني، لا تقدر إسرائيل على جمعها بمفردها»، في مشهد يُضاف، بحسب مراقبين، إلى المحطات الكثيرة التي «فضحت»، منذ عملية «طوفان الأقصى»، القصور الاستخباراتي والأمني الإسرائيليَين، وحاجة تل أبيب المستمرة إلى «دعم» حلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لتحقيق بعض أهدافها من العدوان على غزة. وكان لافتاً، في هذا الإطار، وصف المسؤولين الإسرائيليين عملية «الإنقاذ» التي راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء، بأنّها نتاج «أسابيع من الإعداد والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة».
ولم تخفِ وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية، الدور الأميركي في استعادة الأسرى. ونقلت شبكة «سي أن أن»، عن مسؤول أميركي، بأن «الخلية الأميركية المتواجدة في إسرائيل دعمت جهود الإنقاذ، وشاركت القوات الإسرائيلية في العملية»، في إشارة إلى «الفريق» الأميركي التابع للسفارة الأميركية في تل أبيب، والذي يساعد إسرائيل في جمع معلومات منذ السابع من أكتوبر. ولم ينفِ أي من المسؤولين الأميركيين، في تصريحاتهم الرسمية وغير الرسمية، الجهود المشار إليها، ولا سيما أنّ واشنطن كانت قد أعلنت، منذ وقت مبكر من الحرب في غزة، أنّها أرسلت قوات أميركية (كوماندوز) إلى إسرائيل لتضم جهودها إلى عمل مكتب الـ«أف بي آي» ووزارة الخارجية الأميركية، وتعاوِن «فريقاً صغيراً» ومتخصصين آخرين في عملية استعادة الأسرى. وتساوقت هذه التصريحات مع ما أفاد به مستشار الأمن القومي الأميركي في مقابلة مع برنامج «فيس ذا نيشن» على شبكة «CNN»، بالقول «(إننا) قدّمنا دعماً لإسرائيل لتحديد موقع الرهائن بغزة ولم نشارك بالعملية على الأرض».
لم ينفِ المسؤولون الأميركيون الجهود التي بذلتها واشنطن في العملية الإسرائيلية الأخيرة


على أنّ المسؤولين أنفسهم سارعوا، في المقابل، إلى نفي أي دور لـ«الميناء المؤقت» الذي أنشأته واشنطن على شاطئ غزة، بذريعة إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في «عملية النصيرات». وزعم الجيش الأميركي، في بيان، أنّ «مرفق الرصيف الإنساني، بما في ذلك معدّاته وأفراده، لم يُستخدم في عمليّات إنقاذ الرهائن في غزّة. لقد استخدم الإسرائيليّون المنطقة الواقعة جنوب المرفق لإعادة الرهائن بأمان إلى إسرائيل، وأيّ ادّعاء بخلاف ذلك هو زائف». وأردف البيان أنّه «تمّ إنشاء الرصيف المؤقّت على ساحل غزّة لغرض واحد محدّد، وهو المساعدة في نقل المساعدات الإضافية المنقذة للحياة التي تشتدّ الحاجة إليها في قطاع غزّة»، على حد تعبيره. كما نقلت شبكة «سي بي أس» الأميركية عن مسؤول أميركي قوله إنّ المروحية الإسرائيلية «هبطت جنوب المنشأة على الشاطئ، إنما خارج المنطقة المطوقة من الرصيف البحري».
بيد أنّ «الاستنفار» الأميركي لإثبات عدم اضطلاع الرصيف البحري المشار إليه بأي دور في العملية، جاء في أعقاب انتشار مقطع فيديو عبر شبكة الإنترنت، تَظهر فيه طائرة «الهليكوبتر» التابعة لجيش الاحتلال، والتي شاركت في الهجوم، وهي تقلع عن الشاطئ، فيما يظهر خلفها الرصيف الأميركي. كما أن تسريبات خرجت حول الهجوم، أفادت باستخدام الإسرائيليين شاحنة مساعدات من أجل التمويه خلال الدخول إلى منطقة الهدف. ويضاف إلى ما تقدم، أنّ توقيت العملية أسهم في زيادة الشكوك حول احتمال استخدام المنشأة الأميركية الجديدة في إتمامها، باعتبار أنها جاءت بعد أيام قليلة فقط من إعلان الجيش الأميركي «نجاحه في إعادة إنشاء الرصيف المؤقت في غزة»، وعودة «تدفق المساعدات عبره».