وفي إطار المساعي المستمرّة لنقل الطقوس التوراتية إلى داخل المسجد الأقصى، قام حاخام بإدخال لفائف الصلاة السوداء "التيفلين" إلى الحرم، للمرّة الأولى منذ احتلاله، وذلك تحت حراسة الشرطة، وبرعاية موشيه فيغلين الذي سبق أن كان نائب رئيس "الكنيست"، علماً أن الممارسات المثيلة لما تقدّم، شكّلت أحد أسباب اندلاع معركة "سيف القدس"، قبل ثلاث سنوات. وتعكس "مسيرة الأعلام"، وما يصاحبها من ممارسات ذات طابع استعراضي واستفزازي، الأطماع الإسرائيلية الدائمة في المدينة، التي تشهد ازدهاراً حالياً؛ إذ تعتقد الجماعات الاستيطانية أن الوضع الراهن، ميدانياً وسياسياً، يخدمها، ويُعدّ الأفضل بالنسبة إليها لتنفيذ مخطّطاتها، سواء في سلب صلاحية الوقف الإسلامي في إدارة "الأقصى"، أو زيادة عدد ساعات الاقتحام ورفع الأعلام الإسرائيلية في ساحات الحرم، فضلاً عن التقسيم الزماني والمكاني، وصولاً إلى إقامة الشعائر التوراتية والتلمودية داخل "الأقصى"، كمقدمة لإقامة المعبد على أنقاضه.
يحتفي المستوطنون باحتلال المسجد الأقصى وشرق القدس، أو ما يسمّيه الاحتلال يوم «توحيد القدس»
وكان من المقرَّر أن يعقد الكنيست و"اتحاد منظّمات الهيكل" المتطرّفة، أمس، مؤتمر "عودة إسرائيل إلى جبل الهيكل" لمناقشة تغيير هوية المسجد، والذي دعا إليه وزير الأمن القومي المتطرّف، إيتمار بن غفير، وكان سيديره الحاخام شمشون إلباوم. إلا أنه تقرير إرجاء المؤتمر إلى الـ 24 من تموز المقبل، تحت ضغط تطوّرات الحرب في غزة والمفاوضات السياسية الجارية لإعلان وقف إطلاق النار. وليس بعيداً من القدس، شهدت الضفة الغربية، أمس، اقتحامَين كبيرَين لمدينتَي جنين وطولكرم، تخلّلتهما اشتباكات مسلحة عنيفة مع المقاومين، في وقت ارتفعت فيه حدّة المطالبات بشنّ حرب واسعة في الضفة، والسيطرة عليها، بهدف تبديد قلق المستوطنين من تكرار سيناريو "طوفان الأقصى". وفي هذا الجانب، يكثّف قادة المجالس الاستيطانية، ووزراء وأعضاء "كنيست" يمينيون، مطالباتهم بشنّ عملية عسكرية واسعة هناك، وفق ما دعا إليه رئيس المجلس المحلي لمستوطنة "بيت إيل"، شاي ألون، الذي قال: "الفلسطينيون يضربوننا في كل فرصة، ومع ذلك لا يتغيّر الردّ الإسرائيلي، بل يواصلون التحرّك الطبيعي وكأنهم ليسوا أمام واقع قاتل، حتى وصلوا أخيراً الى خيار الهروب، بدل التصرّف بشكل مختلف". وأشار إلى أن "ما يُقلق الإسرائيليين فعلاً هو أن مخزون السلاح لدى الفلسطينيين، وجرأة المقاتلين في طولكرم ومحيطها يستمدّان من بئر حماس التي تروي كل المسلحين في الضفة الغربية. ومع مرور الوقت أيضاً، سينجلي أمر أخطر وأخطر، وخلاصته أننا إذا لم نردّ وفقاً لذلك، فقد يكون هذا هو نفس الواقع الرهيب الذي حدث في السابع من أكتوبر، ما يستدعي المبادرة لمواجهة الخلايا المسلحة، واقتلاعها، وتدميرها".