تزامناً مع إطلاق المقاومة في لبنان شريطاً جمع قرابة الدقائق العشر من تصوير قامت به مسيّرة «هدهد» فوق حيفا، كان الإعلام العربي، بما فيه اللبناني، يشارك في التهويل على اللبنانيّين، لا في النشرات الإخبارية فقط، بل أيضاً على منصّات التواصل الاجتماعي. هكذا، انتشرت على مواقع التواصل صورة تجمع منشورات لمختلف الوسائل الإعلامية وهي تشارك عبر صفحاتها في محاولة بثّ الرعب الذي يريد العدوّ زرعه في نفوس اللبنانيّين.

وزعم الخبر التي نشرته هذه الوسائل بترداد ببّغائي أنّ «قائد القيادة الشمالية (لدى قوات العدوّ) يصدّق على خطّة عمليّاتية لهجوم على لبنان»، ناسباً إيّاه إلى «الجيش الإسرائيلي». هذه الوسائل بمعظمها لا تقوم بأيّ جديد، فهي تكمل ما دأبت عليه منذ أشهر، لكنّ بعضها يحمل لواء المقاومة بطريقة مبتذلة. مع ذلك، لم يخجل من المشاركة في التهويل. ووصل الأمر ببعض القنوات التلفزيونية حدّ تحديد «ساعة الصفر» التي سيقوم بها العدوّ الإسرائيلي بهجوم مزعوم على لبنان، فيما قلّل بعضهم الآخر من شأن عملية «هدهد»، إمّا عبر اعتبارها «مسرحية» أو عبر تحوير الموضوع بالسخرية من كون المقاومة تعلم كلّ ما في حيفا، لكن لا تعلم ما في مرفأ بيروت، رغم أنّ قائد المقاومة كان قد أكّد ذلك بنفسه قبل سنوات! ومن المشاركين في التهويل: «سكاي نيوز عربية»، و«العربية»، و«الحدث»، و«الجزيرة»، و«الجديد»، وmtv، و LBCI، وموقع «الكتائب»، وإذاعة «صوت لبنان»، وإذاعة «لبنان الحرّ»، و«صوت بيروت إنترناشونال»، و«شبكة رصد»، وغيرها الكثير من وسائل إعلامية نقلت الخبر كما ورد آنفاً، من دون تغيير حرف واحد، ولا حتّى إضافة فعل الزعم أو حتّى اسم هذا «القائد» المهول، كأنّه خبر منزل من السماء وأصبح من «المسلّمات» التي لا تحتمل الإعراب. وحدها «الجديد» حوّلت مصطلح «الجيش الإسرائيلي» إلى «جيش العدوّ»، فيما نسبت «العربية» الخبر إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، وزميلتها «الحدث» فضّلت الإبقاء على «الجيش الإسرائيلي»!
على ضفّة «العربية» أيضاً المستمرّة في التصهين رغم كلّ ما تعرّضت له من انتقاد طوال الأشهر الماضية، نشرت القناة على صفحاتها الافتراضية مقطعاً من مقابلة أجرتها مرفقةً إيّاه بتعليق: «الكاتب السياسي الفلسطيني خالد فندي: «حماس تواجه انتقادات علانية في غزّة... وانتصاراتها وهمية وغير موجودة على أرض الواقع»». وسرعان ما جوبهت بردود الناشطين الساخرين، معتبرين أنّ القناة تعيش أوهاماً، وأنّها تقوم بخدمة العدوّ، وبأنّ أحداً لم يسمع بهذا «الكاتب السياسي» يوماً غير عبر شاشتها، ما يرجّح فرضية دفعها أموالاً له مقابل تكلّمه بلغتها العبرية!