الضجّة المثارة حول إرسال وزير الداخلية بسام مولوي كتاباً يقضي بمنع التجمعات التي تروّج لـ «المثلية الجنسية»، لم تنعكس على المشهد الإعلامي كما جرت العادة. فالبعض فضّل أخذ مسافة من الحدث وعدم الدخول في دهاليز قضية لطالما خلّفت انقسامات في الداخل، بينما حاول البعض الآخر التطرّق إلى الموضوع للعبور صوب نقاشات أخرى تخصّ الأحوال الشخصية وعلمنة لبنان. فالناظر إلى حركة المنصات الاجتماعية خلال الأيام الماضية، سرعان ما يتظهّر أمامه حجم الانقسام بين الناشطين. انقسام اتّسم بالحدة وبمحاولات الإقصاء والرجم للمثليين، في مقابل تحرك بعض الشخصيات السياسية والنيابية والجهات الحقوقية التي راحت تدافع عن إقامة هذه التجمعات وعن مبدأ الحريات الشخصية، إما اقتناعاً منها أو سعياً إلى ركوب موجة الترند لجذب الأنظار. على القنوات التقليدية، بدت الجبهة أهدأ، مع الاكتفاء بنقل التصاريح العالية اللهجة للكتل النيابية والمرجعيات الدينية التي اجتمعت على إدانة المثلية. ليس جديداً طرح هذه القضية لبنانياً، وعلى المنصات الإعلامية التي لطالما عكست انقسام الشارع اللبناني. لكن، اليوم، ومن خلال الجدل القائم تعلو اللهجة الإقصائية بشكل أكبر تجاه هذه الفئة، مدعمة بالآراء الدينية النارية. وعليه، يسود الصمت هذه المنصات الخائفة من إدراج نفسها ضمن خانة معينة تُحسب لصالح دعم المثلية أو رجمها. وللمصادفة، طرحت mtv قبل أيام قليلة، ضمن برنامج «أكيد مش غلط نحكي» الذي يُبث عبر موقعها الإلكتروني، هذه القضية واستضافت شهادتين مثليتين تحدثتا عن معاناتهما اجتماعياً، كما تطرق البرنامج إلى الشق القانوني المتعلق بتجريم المثلية أو السماح لهذه الفئة بالزواج. شكّل هذا البرنامج نقلة مختلفة للمحطة التي فاجأت جمهورها المحصور بخانة يوتيوب، في مقابل اكتفائها في نشرات أخبارها بنقل متوازن للآراء حول قرار وزير الداخلية، من دون اتخاذ موقف واضح مما يحصل في البلاد.
في المقابل، استثمرت lbci في القضية ودخلت من خلالها إلى قانون الأحوال الشخصية الموحّد «على أساس علماني» واستعادت محطات تاريخية حول هذا القانون وإقراره، وتكامله مع «المعتقدات الدينية». المحطة، أعادت تصويب النقاش الدائر في البلاد حول المثلية، من باب «الحق الشخصي» لكل فرد، وأيضاً من باب كفالته في الدستور وفي «الدفاع عن التنوع والاختلاف» واعتبرت أنّ المعركة اليوم، ليست «مع الدين ومع تعاليمه بل مع دولة قابلة للحياة وأخرى تموت ببطء». هكذا، ساد الصمت الإعلام اللبناني حيال قضية من شأنها أن تطرح نقاشات وإشكاليات حيوية في البلاد، وتعيد الأنظار إلى نظرة اللبنانيين إلى هذه الفئة، وفضّل الاختباء خلف متاريس سياسية ودينية أسهمت في تكريس خطاب الكراهية ورهاب المثلية.