يكفي أن يكون الـDOP (مدير الإضاءة والتصوير) هو عبّاس شرف ليضع المخرج قدميه في ماء بارد، لأنه مبدئياَ ضمن سوية وجودة عاليتين للصورة والضوء. الشاب تدرّج من منفّذ إضاءة إلى مشرف ضوء، ثم تعلّم التصوير ليصبح مدير إضاءة وتصوير، وقد اشتغل كمخرج إعلان وفيديو كليب. سبق له أن قدّم أعمالاً مهمة في مسيرته المهنية، وعمل مع ألمع المخرجين السوريين. اليوم يقرر الانتقال خطوة تنطوي على مغامرة كبيرة ربما، لكن كيف يمكن للنجاح أن يتحقق من دون مخاطرة؟ بمعنى أن تكون مدير إضاءة وتصوير بين خمسة أسماء أولى في بلادك، ما الذي يجعلك تصبح مخرجاً وربما تظلّ مجرّد رقم بين عدد كبير من المخرجين، طالما أن الأمر مرهون بالنتيجة! عدا عن أن مهنة الإخراج استبيحت، وبات يقتحمها من بوابة خاطئة كلّ من تسوّل له نفسه الاسترخاء وراء المونيتور، والاعتقاد بأن مهمّته محصورة بإنجاز لقطتي «كلوز» وثالثة عامة، وتقطيع معتاد تتخلّله موجات من الصراخ والهستيريا لينبّه إلى وجوده هنا! هذه القواعد الساذجة تنطبق على مجموعة كبيرة من العاملين في حقل الإخراج السوري وربما اللبناني اليوم، يضاف إليهم بعض المقلّدين للأفلام الأجنبية على طريقة «القص لصق». على أيّ حال، يمكن القول بثقة بأن شرف سيكون على موعد مع تجربة مختلفة إذا ما قيس الموضوع بمنجزه المهني قبل تجربته الإخراجية الأولى «روز» ( عشر حلقات- كتابة طلال مارديني وبطولة : باسم ياخور، مريم علي، لورا أبو أسعد، يارا القاسم، طلال مارديني، فاتح سلمان، يزن خليل، جلال شموّط ، عبد الرحمن قويدر وأمير برازي وآخرون إنتاج «برو فيجن» عبير عبدو)في حديثه مع «الأخبار» يقول عبّاس شرف عن عمله الأوّل كمخرج: «المسلسل بوليسي يطرح تنوّعاً صريحاً بين الخيانة والحب والعطاء والتضحية والكثير من المفاهيم الإنسانية العريضة، ولعل ميزته هي التباين الساطع في بنية الشخصيات، والتي سيلمس المشاهد غالباً بأنها شخوص لا تشبه بعضها وبأنها ستدخل ميدان القصّة من ذروة حكائية باستثناء البطلة روز التي سنمهّد الأرض أمامها بسرد بسيط قبل أن تدخل معترك الحدث». ويضيف: «المسلسل يدلي بكّل ما لديه من جرعات رشيقة ومتصاعدة من الناحية الحدثية ويختلف عن الأعمال الطويلة أو الثلاثينية من ناحية الضرورة القصوى للتكثيف والتصعيد المتواتر تباعاً»
أما عن الصدام الذي حصل مع الرقابة قبل الحصول على الموافقات اللازمة، فيقول شرف: «الرقيب أحياناً يكون على حق، وهذا ما حصل هذه المرّة عندما كان لديه وجهة نظر أفادتنا بتغيير عاد حسب اعتقادي لصالح العمل، وبناء على هذه التعديلات الطفيفة حصلنا على الموافقة، وقد بدأنا التصوير قبل أيّام في دمشق. علماً بأن حكايتنا لا ترتبط بمكان محدد، إنما بشخصيّات هي التي تصوغ خيوط الرواية كاملة»