بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحراك الشعبي، سجل أمس أعلى نسبة غليان في الشارع اللبناني، كانت شرارته مقتل الناشط علاء أبو فخر في «خلدة» تبعتها سلسلة الإشكالات التي حصلت في «جل الديب» أشهرها إشهار مدنيّ سلاحاً حربياً وإطلاقه النار باتجاه المتظاهرين، لتعتقله لاحقاً السلطات الأمنية، وطبعاً، الدعوة الى الإعتصام أمام القصر الجمهوري في «بعبدا». لكن مع تقدم ساعات المساء، طغى حدث غريب من نوعه على البقية، ففيما كانت القنوات تستكمل مواكبتها لما يحصل على الأرض، بدأ تسريب الأخبار والصور الثابتة من نفق «نهر الكلب» تظهر قيام شبان قيل إنهم يتبعون الى «القوات اللبنانية» يشيدون جداراً داخله. توجه بداية فريق lbci، الى هناك، وحاول مراسلها مع المصوّر الدخول الى النفق ونقل ما يحدث هناك، فاصطدم بمنعه من التقدم والتصوير، وحتى شوّش على رسالته التي كانت يتلوها على الهواء، وعمد أحدهم الى إظهار صورة عملاقة في الخلفية تعود الى البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير. لم يخضع ساسين لضغوط هؤلاء وتعتيمهم على ما يفعلونه في الداخل، بل حاول ثلاث مرات الدخول مع المصوّر الذي تعرّضت كاميرته للإقفال مرات لمنع وصول الصورة، مروراً بتعرض ساسين وزميله الى الضرب وفق ما أفادت القناة. وبعد تداول الحادثة على السوشال ميديا، وتعاظم التنديد بهذه الخطوة التي لا تعبّر عن المحتجين وتعيدنا أزماناً الى الوراء، قام هؤلاء بسحر ساحر بهدم الجدار، وسمح لأدمون بالدخول والتصوير. يسجل لساسين هنا شجاعته، في التواجد ضمن مجموعة شبان قاموا بمنعه من نقل الصورة والواقعة، وتحمّل مضايقاتهم وحتى ضربهم له مع زميله، وأصرّ على اكمال مهمته، مهما كلف الأمر. وفي الوقت الذي منع فيه فريق «المؤسسة اللبنانية للإرسال» من نقل مباشر من نفق «نهر الكلب»، كان فريق mtv، في قلب النفق، مع هؤلاء الشبّان، ينقل الصورة بأريحية تامة، وعمل بعد الموجة الغاضبة على النت، على محاولة التنصل من فكرة بناء جدار يفصل بين اللبنانيين والمناطق، وقامت المحطة بتظهير أكثر لفكرة هدم الجدار من على شاشتها. هكذا، خرجت دنيز رحمة فخري على الهواء، وحاولت التخفيف من وطأة ما يقترفه هؤلاء، وبررت العمل بأنه مجرد «فشة خلق» رداً على مقتل علاء أبو الفخر. تشييد الجدار داخل نفق «نهر الكلب» يضاف اليه إرتفاع جدار آخر في منطقة «الناعمة» أفاق صوراً نسيها اللبنانيون في فترة الحرب الأهلية، في تكريس الكونتونات وعزل المناطق عن بعضها، فكان نهار امس، ليلاً حافلاً بهذه المشهديات التي لم تكن تخطر في بال أحد بالعودة الى الوراء، أكثر من عشرين عاماً، وهذه المرة عبر وجوه شابة.