مع استمرار التظاهرات الشعبية أمس في الساحات اللبنانية، بعد رفضها للورقة الإقتصادية التي قدمها سعد الحريري، استمرت الأجواء المسمومة على بعض القنوات، التي حرّفت الحراك عن بوصلته، وبدأت حفلات التهويل والتخويف وصولاً الى اللعب بالسلم الأهلي. ما حصل أمس، على الشاشات كان يشي بنية حقيقية لإفتعال الفتن، لدى نقل مباشر من ساحة «النور» في طرابلس، لحرق أحد المتظاهرين لعلميّ «حزب الله» و «التيار الوطني الحر». أمر عاد واستنكره الحراك هناك، وسيق من افتعله الى خارج الساحة. هكذا، نقلت mtv عبر لقطة قريبة جداً (zoom in)، وبجهد لافت هذا المشهد الجانبي بين جموع غفيرة تحتشد في الساحة، لتعود وتعلق مذيعة الأخبار في الاستديو نبيلة عواد تبريراً ، بأن حرق الأعلام كان «استنكاراً للطبقة السياسية»! أما lbci، فنقلت بدورها هذه اللقطة «التاريخية»، ضمن نوافذ عدة كانت موزعة على شاشتها. هنا، أصرّ الإعلام على ابراز هذه الصورة التي بالطبع من شأنها أن تصنع فتنة أهلية،في أوقات عصيبة تمرّ بها البلاد. وما زاد الطين بلّة تحرك لمجموعة شبابية رفعت أعلام «حزب الله» و «حركة أمل» وجالت على الدراجات النارية، وكانت في طريقها الى ساحة «الشهداء» لكن الجيش تصدّى لها. المجموعة التي حسبت على هذين الحزبين سرعان ما أصدر الأخيران بيانين يعلنان فيه أن لا علاقة لهما بهذه الحركة الطائشة. تحرك أرعن افادت منه بعض القنوات للتحريض، وحتى لنشر مبالغات. بدأ الخبر بنشر lbci، مجموعة فيديوات نقلاً عن وسائل التواصل الإجتماعي، لتحرك هؤلاء في الضاحية وفي «عين التينة»، وفي شارع «مونو» القريب من «ساحة الشهداء»، ليصار بعده الى خروج جويس عقيقي (mtv)، من نقطة «بشارة الخوري»، وعرضها على الهواء فيديو لتصدي الجيش لهذه المجموعة. بعدها، تنقل زميلتها جيسي طراد، من ساحة «ساسين» أجواء مختلقة، عبر الترويج بأن هذه المجموعات كانت في طريقها الى «ساسين» للإصطدام بالمعتصمين هناك لإثارة مزيد من الشحن في تلك البقعة. إذاً، كنا أمس، أمام بروفة فتنة أهلية بكل ما للكلمة من معنى، عبر اللعب بالغرائز والإشتغال على الشائعات وتزكيتها، من دون أن ينتبه الإعلام الى مسؤوليته الوطنية سيما في هذه الظروف الصعبة.