لم يخطر لي أنه سيكون اللقاء الأول والأخير. قبل أسبوع، زرت شبيب دياب في منزله برفقة النقابي المتقاعد حسن إسماعيل للحديث عن تجربة المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام في حماية حقوق المتقاعدين ومصالحهم. كانت المرة الأولى التي أراه فيها، فيما التواصل بيننا عبر الهاتف، من خلال رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية يعود إلى سنوات. في «الأخبار»، نشرنا له أكثر من مقال تحليلي عن نساء انتخابات 2018، والحراك الشعبي العربي، وكانت آخر المقالات في 4 أيار الجاري بعنوان «تطور معاش الأستاذ الجامعي في ثمانية أشهر». في ذلك النهار، طلب مني أن أساعده في الحصول على أرقام هواتف بعض الصحافيين الاقتصاديين لأنه ينوي تسليط الضوء أكثر على الحراك الجديد والنوعي للمتقاعدين من خلال مقالات تعتمد على الأرقام، وهكذا كان.
يومها، لم يكن الأستاذ المتقاعد من معهد العلوم الاجتماعية في أفضل حال. كان يسير نحونا متثاقل الخطى ويحدثنا بصوت خافت. سألت صديقه الدكتور حسن عن وضعه، فقال لي إنه تعرّض، أخيراً، لوعكة صحية مفاجئة تسبّبت في «خربطة» في منسوب السكر وغيره، ليتولى هو بعدها بتزويدي بالتفاصيل المتعلقة بالمجلس ونشاطه وسابقة خروج المتقاعدين إلى الشارع. في هذه الأثناء، تركنا دياب في غرفة الاستقبال نخوض في حديث المجلس والتحضير للمؤتمر الذي تنظمه الرابطة قريباً للمتقاعدين في الدول العربية، وانصرف إلى مكتبته وعاد بكتاب «شمسطار في الذاكرة» ليهديه إلينا.
احتار في تقديم واجبات الضيافة، إن بإحضار الفواكه والحلويات أو بجعلنا نشعر بأننا في منزلنا. ودعته والدكتور حسن على أمل التواصل المستمر وتنظيم لقاءات مقبلة وخصوصاً «انو الشغل رح يكون كتير من اليوم ورايح» كما قال. ولم أكن قد وصلت إلى المصعد عندما ناداني من جديد ليقول لي بصوته المتعب: «لو أنا مش هون، بتعتبري هذا البيت بيتك بتجي بترتاحي فيه وقت اللي بدك». ما زلت أسمع صدى هذه الكلمات الصادقة في أذني. أول من أمس، فرحت عندما أبلغني مشاركون في المؤتمر أنه كان حاضراً هناك وألقى كلمة الرابطة، ولم أكن أنتظر أن أقرأ الخبر الحزين صباح اليوم التالي.