على مدى الأيام الماضية، كانت المفاوضات بين مجلس نقابة المهندسين والموظفين في النقابة تتجّه نحو الحلحلة، حتّى قرّر الموظفون التصعيد بإعلان الإضراب المفتوح العام في المركز الرئيسي والمراكز الفرعية الأربعة (ضبيه، زحلة، صيدا والنبطية)، ونفّذوا أمس اعتصاماً في مقر النقابة في بئر الحسن.سريعاً، وصل الخبر إلى مجلس النقابة الذي كان يعقد اجتماعه الدوري. لا ينكر أعضاء في مجلس النقابة أنّ هدف بعض الموظفين محق، ولكن «البعض الآخر ينوي الحرتقة» على المجلس. ويتهم هؤلاء الأحزاب، تحديداً حركة أمل وحزب القوات اللبنانيّة (ممثلين داخل مجلس النقابة)، بعرقلة أعمال النقابة بعدما قام المجلس الحالي بخرق العرف الطائفي في التوظيفات، إذ «تم تعيين موظفين من ملاك النقابة في المراكز الشاغرة مع اعتماد معايير الكفاءة على حساب العرف الطائفي الذي كان موجوداً». وهذا «أزعج الأحزاب الطائفية ما جعلها توجّه رسالة إلى المجلس الحالي عبر استخدام ورقة مطالب الموظفين».
وما يعزّز هذه النظريّة أنّ مجلس النقابة كان متجاوباً مع مطالب الموظفين وقام بتحسين رواتبهم عبر تقاضي وتقاضي 30% منها وفق سعر المنصة (3900 ليرة للدولار) وتقديم مساعدات ماليّة شهرية تصل إلى 3 ملايين ليرة وزيادة قيمة بدل النقل للقاطنين خارج نطاق بيروت الإدارية بمعدل ألف ليرة لكل كيلومتر، وزيادة المساعدات المدرسية إلى 4 ملايين ليرة لكل ولد على أن تغطي هذه المساعدات 3 أولاد بدلاً من اثنين. وعليه، صار بعض الموظفين يتقاضى نحو 14 مليون ليرة شهرياً. وأكثر من ذلك، فإنّ الموظفين لم يقدّموا لائحة مطالبهم إلى المجلس عبر أمانة السر ليتم درسها، وإنما اعتمدوا التصعيد من دون سابق إنذار، ولم يودهوا كتاباً رسمياً إلى المجلس إلا بعد إعلان الإضراب، «ما يشيي الى أن بعض أعضاء المجلس الحزبيين كانوا يسربّون ما يجري تداوله داخل المجلس إلى الخارج»، بحسب ما يقول بعض الأعضاء.
أكد موظفون أن التصعيد بالإضراب المفتوح ليس محل إجماع


ويوضح عضو مجلس النقابة يسار عنداري لـ«الأخبار» أنّ المجلس طرح العديد من التحسينات على الرواتب في الأشهر الماضية، وكان في صدد الموافقة على سلّة تعديلات جديدة في الشهرين المقبلين، قبل انتهاء السنة المالية في آذار المقبل حينما يتم طرح موازنة جديدة يتم فيها تحسين الرواتب وقيمة بدل النقل. وإذ ذكّر بأنّ أموال النقابة هي أيضاً محجوزة لدى المصارف، أعرب عنداري عن اعتقاده بأنّ الإضراب قد يتم تعليقه قريباً، معتبراً أنّ ما عقّد الأمور وجعل بعض الموظفين يتجّهون نحو التصعيد هو رفع مصرف لبنان سعر صرف الدولار من المصارف من 3900 إلى 8 آلاف ليرة.
وإذا كان جميع الموظفين الذين يبلغ عددهم 120 (غالبيتهم في المقر الرئيسي) موافقين على الكتاب الرسمي الذي تم تسليمه إلى مجلس النقابة أمس وطالبوا فيه بتقاضي نصف قيمة رواتبهم على سعر الصرف الجديد أي 8 آلاف ليرة، ورفع قيمة المساعدة الشهرية من 3 ملايين ليرة إلى 5 ملايين إضافة إلى المطالبة بتقاضيهم راتب شهر إضافياً، فإنّ بعض الموظفين يجاهرون بأنّ التصعيد بالإضراب المفتوح لم يكن مطلباً يُجمع عليه كافة الموظفين.
في المقابل، تلفت الطبيبة المسؤولة عن التقديمات الاستشفائية إيمان بنجاريان إلى أنّ قرار الإضراب جاء بالتوازي مع المفاوضات الجارية مع مجلس النقابة لتحسين الرواتب وبدل النقل، مؤكدّة أن القرار لا يؤثر في المفاوضات الجارية بل يزيدها زخماً. وأشارت إلى أنّ الموظفين لم يتلقوا أجوبةً رسميّة من مجلس النقابة بشأن المطالب التي تم طرحها، وأكّدت أنّ التقديمات والمطالب الاستشفائيّة لن تتوقف خلال الإضراب المفتوح.
وكان موظفو نقابة المهندسين أعلنوا أن «الإضراب سيستمر مفتوحاً في كلّ المراكز إلى حين تحقيق المطالب»، مؤكدين أنّ «المسؤوليات الملقاة على عاتقهم كبيرة لجهة إنجاز معاملات المهندسين ومتابعة ملفاتهم الطبية والإدارية وتنسيب الجدد إلى النقابة، وهو ما لا يتناسب مع رواتبهم الزهيدة في ظل الأزمة الاقتصادية المستفحلة».