غزة | تراوح العمليات الحالية لجيش الاحتلال في مناطق شمال قطاع غزة ووسطه وجنوبه في دائرة واحدة، حيث يستمرّ التهديد ورفع مستوى الاستعدادات للعملية الكبرى في مدينة رفح، والتي يحاول رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تصديرها وكأنها القشّة التي ستقصم ظهر المقاومة. وبالتوازي مع ذلك، تصنع الطائرات الحربية ووسائط المدفعية حالة من التوتّر في كل الأحياء الشرقية لشمال القطاع ووسطه، بالتزامن مع حرب نفسية كبرى يشنّها جيش العدو على الفلسطينيين، الذين يطالبهم بإخلاء بلدات ومدن بأكملها، من مثل بيت لاهيا وبيت حانون شمالاً. والأخيرة شهدت، أمس، تراجعاً لدبابات العدو التي كانت توغّلت في أطرافها الشرقية. وبناءً على تلك المعطيات، فإن نقاط تمركز جيش الاحتلال في غزة، تنحصر في موقع «نتساريم» الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه. ومن ذلك الشريط، سحب الجيش لواء «ناحال» بزعم أنه يتجهّز للمشاركة في عملية اجتياح رفح، بالإضافة إلى بعض التوغّلات المحدودة في المناطق الشرقية والغربية لشمال القطاع.
المقاومة: التصعيد يأتي في سياق الضغط الأقصى لدفع «حماس» إلى تليين موقفها التفاوضي

وتقدّر مصادر في المقاومة أن حالة التصعيد الأمني التي طاولت كل مناطق قطاع غزة، تأتي في سياق الضغط الأقصى، الذي يسعى من خلاله مجلس الحرب الإسرائيلي إلى دفع حركة «حماس» إلى تليين موقفها على طاولة التفاوض بشأن تبادل الأسرى والوقف المؤقّت لإطلاق النار. وقابلت المقاومة تلك العمليات التي تتزاوج فيها الأبعاد النفسية والعسكرية، بخطوات مضادة، حيث نفّذت الأذرع العسكرية لفصائلها، أمس، العديد من المهمّات القتالية التي تركّزت على إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على مستوطنات غلاف القطاع، وأعلنت كل من«كتائب القسام» و«سرايا القدس» و«كتائب المجاهدين» قصف مستوطنات «إسديروت» و«نيرعام» و«كيسوفيم»، علماً أن عمليات القصف التي ينطلق معظمها من شمال القطاع، تؤدي دوراً معنوياً مهمّاً في تقويض كل إنجاز يحاول نتنياهو تسويقه في الجبهة الداخلية للاحتلال، والتي أضحت تعيش أعلى مستويات الحساسية وعدم الرضى عن الأداء السياسي والعسكري لمجلس الحرب. أما على الصعيد النفسي، فقد علّقت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على ما ورد في إحدى الصحف العربية نقلاً عن قيادة «حماس» من أن قائد الحركة في غزة، يحيى السنوار، خرج من الأنفاق وتفقّد مقاتليه، بالقول: «عندما يرى السنوار وأصدقاؤه في قيادة حماس أنه لا يزال هناك أشخاص في غزة ينتظرونهم خارج الأنفاق على رغم أن دبابات الجيش ومروحياته تهدّدهم، فذلك يعني أنهم ما زالوا يؤمنون بقوتهم، وما زالوا قادرين على إعادة السيطرة (...) هذا يُثبت أن هذه الحكومة فشلت في كل شيء»، ولا سيما أن قيادة الحركة أعلنت أيضاً أن لديها 30 ضابطاً إسرائيلياً حياً، وهو عدد أكبر مما كان العدو يتوقّع.
ونشر «الإعلام العسكري لكتائب القسام» مقطعاً مصوّراً ظهر فيه الجندي الأسير هيرش بولين الذي اعتقلته المقاومة من قاعدة ريعيم، في السابع من أكتوبر، مبتور اليد، وهو يوجّه خطاباً يطالب فيه بالمبادرة في إطلاق سراحه قائلاً: «افعلوا ما هو متوقّع منكم وأعيدونا إلى البيوت حالاً، أم أن هذا أصبح كبيراً عليكم؟». وانعكست أصداء ذلك المقطع سريعاً في الجبهة الداخلية، حيث تجمّعت عائلات الجنود الأسرى في شوارع القدس وتل أبيب لمطالبة نتنياهو بإبرام صفقة تبادل مع «حماس».