القاهرة | رغم تأكيد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صعوبة الوضع الاقتصادي، خلال حديثه في «حفل إفطار الأسرة المصرية»، الذي أقيم السبت الماضي، إلا أن الحفل الذي جمع ممثلي وسائل الإعلام وعدداً من مؤيدي الرئيس المنتمين إلى تيارات مختلفة، إلى جانب مجموعة من كبار المسؤولين، لم يخلُ من البذخ على نفقة الدولة، إذ تألّف الطعام المقدّم للضيوف من المشاوي الفاخرة والعصائر والحلوى المتنوعة، في وقت يعاني فيه المصريون من ظروف معيشية صعبة. وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها السيسي إلى هكذا فعاليات، بل تأتي هذه الفعالية على غرار سابقاتها التي تتكرّر بشكل منتظم، ليجمع الرئيس فيها مؤيّديه من أجل الاستماع إلى خطاباته. والجديد الآن، بعد ظهور السيسي المحدود خلال ذروة الأزمة الاقتصادية، هو حرصه على الحديث عن صعوبة الأوضاع، خلافاً لما تمّ الترويج له سابقاً حول انفراجة على خلفية «صفقة رأس الحكمة» التي أُبرمت مع الإمارات، وستدخل إلى البلاد 35 مليار دولار ثمناً للأرض، إلى جانب القروض والاتفاقات المختلفة التي يأمل النظام أن تنقذ الاقتصاد المصري من عثرته.وتتزامن عودة السيسي إلى الظهور في هذه الفترة بكثافة، مع استعداده لافتتاح مشروعات جديدة الشهر المقبل، وإظهار أن الحياة عادت إلى طبيعتها رغم معدلات التضخم المرتفعة. على أن الاجتماع السنوي الذي وصفه مراقبون بأنه عديم الجدوى، لم يحمل أي معلومات جديدة عن الولاية الجديدة للرئيس. فلا الحكومة استقالت بعد أداء السيسي اليمين كما كان متوقّعاً، ولا حركة المحافظين الجديدة جرى الإعلان عنها، وسط ترقب لما سيحدث خلال الأيام المقبلة، إثر تأكيدات مقرّبين من السيسي استمرار التشاور بشأن تغييرات في المناصب القيادية التي سترافق الجنرال في ولايته الجديدة، والتي يترقب المصريون شخصياتها. وبدا لافتاً وجود اتجاه للتأني في اتخاذ القرارات بشأن هذه المناصب، فيما سرت شائعات عدة خلال الحفل حول احتمالية اختيار عمرو موسى، المرشح الرئاسي الأسبق ورئيس لجنة إعداد الدستور ليكون نائباً للرئيس، وهو المنصب الشاغر منذ سنوات، خلافاً لما نصّ الدستور عليه. إلا أن هذا الأمر قد يكون صعب التحقق لعدة أسباب، من بينها مواقف موسى الصلبة التي أبعدته عن الحياة السياسية في الشهور الأخيرة بشكل كبير.
سرت شائعات حول احتمالية اختيار عمرو موسى ليكون نائباً للرئيس


وعلى خطّ مواز، يبدو أن السيسي سيكمل ولايته التي تنتهي في أبريل 2030، بانتهاج السياسات السابقة نفسها، وسط الحديث المستمر عن الإصلاح الاقتصادي والحوار الوطني والثرثرة الكلامية التي لا تحمل أي جديد، فيما بات واضحاً استمرار إقصاء الأحزاب السياسية المعارضة والتعامل معها بمثابة «ديكور» لاستكمال المشهد الديموقراطي الشكلي. كذلك، يصعب تحقيق أي انفراجة اقتصادية، في ظل استمرار الجنرال في الحديث عن المسارات نفسها لجذب العملة الصعبة، من دون آليات واضحة للتنفيذ، فيما ستتواصل عمليات بيع الأصول خلال الشهور المقبلة. وحتى اليوم، فشلت الحكومة في تحقيق انخفاض في أسعار السلع، حتى مع توفير الدولار بشكل محدود لعمليات الاستيراد، وهو ما انعكس زيادة في أسعار المحروقات، زادت بدورها من كلفة النقل. ويأتي ذلك وسط ضبابية الصورة بشأن مستقبل الوضع الاقتصادي والخسائر الكبيرة التي تعرّضت لها الشركات في الشهور الماضية، علماً أن كلفة السلع المستوردة زادت مع ارتفاع الدولار الجمركي، الذي ثبت عند 31 جنيهاً تقريباً قبل تحرير سعر الصرف أخيراً.
واللافت في تفاصيل التحركات الحكومية لخفض الأسعار، هو محاولة الضغط على التجار بشكل كبير لتقليل هوامش الربح، في وقت ينتظر أن تشهد فيه البلاد موجة جديدة من ارتفاع الأسعار مع بداية تموز المقبل، عقب زيادة المحروقات مرة أخرى ورفع أسعار الكهرباء، التي يجري التخطيط لتحرير ميزانية الدولة من أي أعباء مالية مرتبطة بتوفيرها للمواطنين. وهكذا، يصبح إنجاز السيسي الحقيقي الوحيد المتمثل في إنهاء أزمة انقطاعات التيار الكهربائي، في حكم المنتهي بشكل كامل، مع استئناف خطة قطع التيار بالتناوب لمدة ساعة في مختلف المحافظات، ولمدة ساعتين في بعض المناطق، ضمن مشروع تخفيف الأحمال الذي تستهدف الحكومة من خلاله تخفيض فاتورة استيراد المحروقات المشغّلة للمحطات الكهربائية.