القاهرة | أرجأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، سلسلة من التغييرات التي كان يفترض أن يتم إعلانها في الأيام الماضية، إلى ما بعد عيد الفطر، وذلك على خلفية استمرار مراجعة التقارير حول الشخصيات المرشحة لتولي المناصب القيادية، في ظل رغبة السيسي وبعض الأجهزة النافذة في عدم إجراء تغييرات أخرى قريباً، ووجود أجندة من الأولويات يتوجب تنفيذها خلال العامين المقبلين. وفيما كان يفترض أن تقدّم الحكومة استقالتها بعد أداء السيسي اليمين الدستورية، الأسبوع الماضي، أمام مجلس النواب، لبدء ولاية جديدة تستمر حتى عام 2030، فإن الجنرال طلب من رئيس الوزراء إرجاء الاستقالة لعدة أيام، وهو ما انطبق أيضاً على استقالة المحافظين. وإضافة إلى كسر البروتوكول المعتاد، تبرز ظاهرة إبلاغ رجال الأجهزة الأمنية، الذين يديرون التغييرات المرتقبة في الكواليس، وزراء معيّنين، بالاحتفاظ بمناصبهم في التعديل الحكومي، فضلاً عن إطلاق وعود لمسؤولين وشخصيات مؤيدين للنظام بمناصب وزارية وتعديلات لا تطاول الوزراء والمحافظين فقط، بل رؤساء عدة هيئات وجهات تابعة للدولة أيضاً، إلى جانب تغييرات كبيرة تشمل القوات المسلحة، ضمن الحركة المقبلة المقررة في حزيران، في إطار خطة تجهيز «رجال الجمهورية الجديدة». ورغم اشتراط الدستور وجوب عرض الحكومة على البرلمان قبل أداء اليمين، وإجراء المناقشات بين النواب حول الأسماء المرشحة، إلا أن مجلس النواب ينتظر في هذا الوقت التعليمات التي ستصل من الرئاسة بعد عطلة عيد الفطر مباشرة، من أجل مناقشة التشكيل الوزاري. واللافت هذه المرة تضارب الرسائل التي وصلت إلى رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، وفريقه، ما بين الحديث عن استمراره على رأس الحكومة مع تعديلات موسّعة، وأخرى تتحدّث عن منصب هام في انتظاره مع ترشيح أسماء أخرى لخلافته، وفي مقدّمتها وزير النقل الفريق كامل الوزير، علماً أن مدبولي يشغل منصبه منذ عام 2018. ويرجّح مراقبون استبعاد الأخير من قيادة الحكومة، على اعتبار أن الرجل الذي واجه انتقادات من الاقتصاديين بشكل واسع، سيكون بمثابة «كبش فداء» بهدف تحسين صورة النظام، علماً أنه يُعاد التداول ببعض الأسماء التي سبق أن خرجت من مناصب مختلفة وجرى إقصاؤها من المشهد بشكل كامل، فيما عادت بعض الشخصيات، التي غابت لعدّة سنوات، إلى التواجد في الفترة الأخيرة في المشهد السياسي، تلبية لدعوات أُرسِلت إليها لحضور فعاليات يشارك فيها السيسي.
يرجّح مراقبون استبعاد مدبولي من قيادة الحكومة، ليكون بمثابة «كبش فداء» بهدف تحسين صورة النظام


على أن هذا الإرجاء ستتبعه إعادة تواجد للسيسي في فعاليات إعلامية عدة، مع افتتاح مشروعات مؤجّلة منذ فترة، من بينها ما هو مرتبط بالطرق ومحطة القطارات الجديدة في القاهرة، إلى جانب عودة جولات الرئيس التفقدية لعدة مشروعات متصلة بالطرق والقطار الكهربائي. ومن بين الأمور المستحدثة في عملية الترشيحات، تعدد الآراء التي يتم الاستماع إليها والتي لم تعد مقتصرة على جهاز المخابرات فقط، وهو ما تجلّى في طلب الرئيس تقارير حول عدّة أسماء في أكثر من وزارة، بالإضافة إلى تقارير تقييم أداء من عدة جهات، فضلاً عن طلبه من عدة أشخاص النظر في الترشيحات والاستعانة بعدد من المتخصصين في أكثر من ملف. إلا أن المتغيّرات المرتقبة لا تشي بسياسات أفضل، وسط استمرار القرارات المنفردة من الرئيس. ومع ذلك، يبقى الرهان على قدرة السيسي على تغيير الدائرة المحيطة به والمؤثرة في قراراته المختلفة، خاصة في مواجهة الأزمات المتعددة التي يرى مراقبون أنه تمّ توريطه فيها، نتيجة لآراء هؤلاء.