القاهرة | في أجواء لم تخلُ من الاحتفالات، أدّى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثالثة تمتد إلى 6 سنوات. وفيما يفترض أن تكون هذه الولاية الأخيرة بموجب التعديلات الدستورية التي أُقرت سابقاً، بحيث على الجنرال أن يغادر السلطة بشكل نهائي في عام 2030، تتواتر الأنباء حول إجراء تعديلات دستورية جديدة قبل هذا التاريخ، تتيح له إعادة الترشح مجدداً. وجرى أداء اليمين أمام مجلس النواب في مقره الجديد في العاصمة الإدارية، وهو المبنى الذي لم يتم بدء العمل فيه بعد، وذلك تجنباً لانتقادات عرقلة المرور في وسط القاهرة. وبالتزامن، أقيمت مراسم احتفالية بمشاركة عدد من المواطنين في منطقة «ساحة الشعب» التي افتتحها السيسي لتكون مكاناً للفعاليات والمناسبات الشعبية. والجدير ذكره، هنا، أن السيسي قرّر في اللحظات الأخيرة تأجيل مزيد من الفعاليات الاحتفالية التي كان يفترض إقامتها، سواء قبل الإفطار أو بعده، وذلك استجابة منه لتوصيات عدة تضمّنها تقرير، بتخفيض الاحتفالات إلى حدها الأدنى، وتجنب إظهار أي مظاهر للبذخ، وإرجاء المظاهر الاحتفالية الخاصة بتشغيل «المتحف المصري الكبير» إلى نهاية العام بدلاً من الشهر المقبل، في انتظار تحسّن الوضع الاقتصادي جزئياً. على أن الرئيس أدّى يمين ولايته الجديدة بشكل تقليدي، إذ لم يخرج عن النص المكتوب في الكلمة الخاصة به، والتي جدّدت تعهّدات قديمة مرتبطة بالسعي لبناء دولة حديثة وديموقراطية ومتقدّمة، فضلاً عن الحفاظ على «الأمن القومي» المصري. أيضاً، حدّد مستهدفات المرحلة المقبلة باستمرار العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار والأمن والسلام والتنمية، مع استكمال وتعميق الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة، وتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة.
بدا أن السيسي تجاهل بشكل متعمّد الحديث عن أي تصورات بشأن حل الأزمة الاقتصادية


ورغم تأكيد السيسي في كلمته على التوسع في برامج الحماية الاجتماعية، بدا أنه تجاهل بشكل متعمّد الحديث عن أي تصورات بشأن حل الأزمة الاقتصادية، في وقت تتصاعد فيه المؤشرات التي تؤكد استمرار تصاعد معدلات التضخم وتراجع النمو الاقتصادي بصورة ملحوظة. وإذ تحدّث السيسي عن تبني اقتصاد صلب لديه مرونة في التعامل مع الأزمات، ظهر واضحاً تشديده على تعزيز دور القطاع الخاص وتحقيق شراكة معه، معتبراً أنه أساسي في عملية التنمية، في إشارة إلى تراجع دور الجيش الذي يشرف ويدير العاصمة الإدارية الجديدة. وخلافاً لما جرى الاتفاق عليه مع «صندوق النقد الدولي»، تعهّد السيسي بالاستمرار في إنشاء المدن الجديدة والتوسع في المشاريع التنموية التي يجري تنفيذها، فيما تجاهل مقاطعات عدد من النواب الداعمين له برفع أصواتهم خلال حديثه، كما تجنّب الحديث إلى وسائل الإعلام بعد أداء اليمين.
واللافت في متابعة فعاليات يوم التنصيب، هو حالة الارتباك التي سادت في أروقة الدولة، على رغم أن ترتيبات هذا اليوم محددة منذ شهور، وهو أمر يعزوه مراقبون إلى عدم القدرة على معرفة ردة فعل المواطنين على تنصيب السيسي رئيساً مرة أخرى، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة، لم تفلح الإجراءات الحكومية في الحد منها حتى الآن. وعلى هذه الخلفية، تجوّل موكب السيسي في العاصمة الإدارية لاستعراض العملية الإنشائية الجارية في عدة مشاريع مختلفة، فيما ظهر واضحاً تجنّب الإفراط في الأجواء الاحتفالية بالرئيس الذي دعا منافسيه في الانتخابات إلى حضور مراسم أداء اليمين من شرفة المجلس، والتي رافقته فيها زوجته وابنته آية. ورغم الاحتفالات الإلكترونية لأنصار السيسي وعملية التحشيد التي سبقت التنصيب على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبعت تكثيف المحتوى الإعلامي الذي يجري بثّه عن حصاد إنجازات الرئيس، إلا أن حالة العزوف الجماهيري عن متابعة نشاط الجنرال كانت واضحة أمس، فيما انتشر فيديو لمواطن مصري يرد فيه على السيسي وأنصاره بالقول: «إنجازات إيه! فين هي دي الإنجازات؟ الناس مش لاقية تاكل».