المعرض المنفرد الثالث للفنانة ليلى جريديني (مواليد 1963) تستقبله «غاليري جانين ربيز» حتى الخامس من نيسان (أبريل) المقبل تحت عنوان filiation (نَسَب) ويحتوي على خمسة أعمال من النسيج وثلاثة تجهيزات مكوّنة من النول والخيطان وثمانية عشر عملاً من النسيج والأكريليك. والأعمال كلّها هي بمثابة تكريم من الفنانة لإرث عائلتها التي امتلكت مصنع نسيج، وقد اضطرت ليلى، بعد سنين، إلى العودة إلى هذا المصنع الذي لطالما حمل اسم «شركة الغزل والنسيج الصناعية»، مستعيدة ذكريات معروفة أو مغلقة. تدمج الفنانة فنّ النسيج في فن اللوحة، متخيّلة نفسها على درب أجدادها، رابطةً الماضي بالحاضر والمستقبل. بالتالي، تختلف أعمالها المعروضة اليوم تشكيلياً عن كل ما عهدناه، إذ لا تستخدم المواد التي يُصنع منها السجّاد، ولا تُبرز عملها داخل إطار، فكلّ ما تفعله هو نسج «لوحتها» بالخيوط الملوّنة مثل «أرتيزانا» يدويّة ذات جماليّة خاصة تميل إلى التجريد المفتوح على إيقاعات بصريّة غنيّة. «سجّادة» هي غير تلك التي تُعلّق أو توضع أرضاً داخل البيوت، إنّما مشغولة بعناية وجهد كبيرين وذات مواصفات دقيقة نفّذها إيوان مكتبي. العمل التجريبي يحوّل السجادة إلى لوحة موحية، مختلفة، خاضعة لرؤية الفنانة ومزاجها الخاص. تجمع ليلى أفكارها فوق بقعة القماش، ثم تأتي مرحلة تكوين الخطوط، والسجادة الواحدة تستغرق وقتاً طويلاً. الأشكال التزيينية التي نعرفها في السجّادة التقليدية يضاف إليها التشكيل التجريديّ الذي تتناغم فيه الرسوم والخطوط والألوان ضمن رؤى لا نهائية. فاللون يُبرز عنصر التجريد ويرسل إشاراته ورموزه ودلالاته، كأنّه امتداد لذات عميقة قد تعرّض الفنانة للانجراف نحو التزيينية التي تسعى جاهدة إلى تلافيها لتغليب عنصري التجريد والغموض.
المخيّلة ركيزة أولى لدى صاحبة هذه الأعمال، منها تنطلق نحو الهدوء أو الصخب لوناً وإيقاعاً، إنّما الأكيد أنّ المنطق فني وليس «تسليعيّاً». ثمة ملامح تأثّر ببول كْليه وكاندينسكي، والأداة يدوية لا بالفرشاة (إلاّ نادراً). إنّها بالتحديد عمل حرفيّ يدوي يهب العمل المشغول، المنسوج بالرؤى والألوان، قيمته الفنيّة لا التزيينية.
العمل التجريبي يحوّل السجادة إلى لوحة موحية، مختلفة، خاضعة لرؤية الفنانة ومزاجها


درست ليلى جبر جريديني التصميم الغرافيكي في ESAG في باريس. نالت شهادة في الفنون الجميلة وتصميم الاتصالات من «مدرسة بارسونز الجديدة للتصميم» في نيويورك، فضلاً عن متابعتها دروساً فيّ السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا في «جامعة السوربون». عملت في مجال التصميم لسنوات طويلة بين فرنسا والولايات المتحدة. كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية، فيما يظهر تعاونها مع فيرجيني كورم عام 2014 في معرض بعنوان «التراجع» تنوع جريديني الفني.

* «نَسَب»: حتى 5 نيسان (أبريل9 ـــ «غاليري جانين ربيز» (الروشة ـ بيروت) ـ للاستعلام: 01/868290