قد يكون المشهد المأساوي الذي ضرب مساحات حرجية واسعة، ووصل الى البيوت السكنية، وظهر على وسائل الإعلام المحلية، جزءاً يسيراً على مما هو حقيقة على الأرض. منذ الأمس، موعد اشتعال الحرائق مجدداً في المناطق الساحلية «الدامور» «الدبيّة»، و«المشرف»، «مزرعة يشوع» وغيرها من المناطق التي أضحت بفعل الحرائق مناطق منكوبة بكل ما للكلمة من معنى... لف المشهد الاسود الحزين لبنان صبيحة اليوم مع انكشاف حجم الأضرار الناجمة عن احتراق آلاف الأمتار من الغابات مع التهام النيران عدد من البيوت والأرزاق بفعل سرعة الهواء التي ساهمت في تأجيج الحرائق من جديد. مشهد ظهّر فداحة عجز الدولة، خصوصاً مع تصريح وزيرة الداخلية ريّا الحسن صباح اليوم، بأن طوافات «السيكورسكي» التي استقدمت قبل سنوات، والقابعة في المطار، غير فعالة وتحتاج الى صيانة! تصريح استطاع خلق موجة غضب واسعة لدى اللبنانيين، مع الإهمال الرسمي المتعمد وغياب أي خطة طوارىء للكوارث الطبيعية. طبعاً، حجم الكارثة كان أكبر من المتوقع، لكن مع الإستعانة بالطوافات القبرصية، وبأجهزة الدفاع المدني وبطائرات الجيش، خمد العدد الأكبر من الحرائق. في هذه اللحظات، كانت قناة «الجديد» المحطة الوحيدة التي تفرد في ساعات الليل وحتى الفجر، تغطية حيّة من المناطق الملتهمة. مراسلتا المحطة راشيل كرم وحليمة طبيعة، كانتا على تماس مع الحدث، بل وسط النيران المشتعلة. المشهد الخارج من الشاشة، كان كارثياً، لما نقلته الكاميرا من هول التهام النيران هذه المساحات ومحاصرتها للبيوت السكنية. نداءات الإستغاثة التي كانت تسمع من هناك، كانت بالفعل، مؤثرة جداً، مما دفع طبيعة إلى البكاء على الهواء والاستنجاد بالأجهزة المعنية لإنقاذ المحاصرين. صباحاً، صحا المسؤولون ما خلا وزيرة الداخلية التي تابعت ميدانياً الكارثة، وبدأ هؤلاء بالتوافد امام الكاميرات، لنستفيق على مشهد محزن، لأحراج أضحت رماداً وخسائر مادية كبيرة في الممتلكات. في ساعات الصباح الأولى، استكملت باقي القنوات تغطيتها، بشكل أساسي كـ mtv، «الجديد»، وlbci، مع تقطع في الرسائل المباشرة لقناة «المنار» واستمرار البرمجة المعتادة على otv.

دخلت هذه القنوات الى تلك المناطق، واستصرحت السكان الذين لاموا الأجهزة الرسمية على تقاعسها ورووا كيفية انقاذ بيوتهم بمجهودهم الفردي. هذه الإستصراحات ظهرت بشكل أكثر على محطتيّ lbci و «الجديد» وبشكل طفيف على mtv، إذ تركز المشهد هناك، مع تغطية جويس عقيقي على حريق شبّ في مبنى arc en ciel، وفتح الهواء فقط لمحاولة دخول فريق المحطة الى المبنى، وصعوبة تحقيق ذلك، لغياب سبل الوقاية من الحرائق. تسمرت الكاميرا في تلك المنطقة لأكثر من ساعة مع إشادة مستمرة بجهود أفراد الدفاع المدني، ليخرج بعدها من تلك البقعة وزير البيئة فادي جريصاتي ويطالب بـ «الإعدام» لمفتعلي الحرائق، بعدما جزم أن الأخيرة مفتعلة! وسط تكتم وتهرّب واضح من المسؤولين على رأسهم مستشار الرئيس سعد الحريري الذي كان متواجداً هناك، وحاول تجنب الإجابة على سؤال يتعلق بفضيحة الطوافات، تبقى صورة سليم أبو مجاهد الشاب الذي ارتقى اليوم لدى قيامه بواجبه في اطفاء الحريق. صورة انتشرت باطراد على المنصات الإجتماعية، بمثابة القربان الذي فدى به أهل بلاده.