طرابلس | يميل المجتمع الدولي، على ما يبدو، إلى الثبات على الانقسام الحالي القائم في ليبيا، والذي يعتمد على استقرار الوضع أمنياً، من دون أن يبدي جدّية في التحرّك إزاء هذا الملفّ. وممّا يدلّل على ذلك، إحاطة القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري، أمام مجلس الأمن، أول من أمس، والتي لم تحمل أيّ جديد، في ظلّ ما يَظهر أنه توافق دولي وإقليمي على الإبقاء على الوضع الراهن، على الأقل حالياً. ومع ازدياد الحضور الروسي في الأسابيع الأخيرة، من خلال التعاون مع الجيش الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر والبرلمان بقيادة عقيلة صالح، تعمل الولايات المتحدة من جهتها على تقوية علاقتها مع «حكومة الوحدة»، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في سياق الإبقاء على موازين القوى على ما هي عليه.والواقع أن تلك الموازين والانحيازات السياسية لأطراف الصراع الليبي، باتت هي العنوان الرئيسي في أيّ نقاشات إقليمية، على اعتبار أنها تمثّل ضمانة لعدم حدوث اضطرابات في الداخل الليبي، في ظلّ انشغال الأطراف المعنية بأزمات أخرى في المنطقة. وفي هذا السياق، قالت مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، إن ثمّة تقديرات مصرية وإماراتية وسعودية ترجّح أن «يستمرّ الوضع على ما هو عليه من دون تغيير حتى العام المقبل، ولغاية الانتهاء من الانتخابات الأميركية، سواء استمرّت خوري في منصب المبعوثة الأممية بالإنابة، أو عُيّن مبعوث جديد». ووسط غموض نتائج أيّ استحقاق انتخابي يمكن إجراؤه خلال الفترة المقبلة، تفضّل الأطراف الضالعة في الأزمة تعطيل أيّ مسار حقيقي يمكن أن يؤدي إلى إجراء الانتخابات، وخصوصاً في ظلّ استمرار الجمود السياسي، والتوافق غير المعلن على تسيير أمور البلاد سياسياً واقتصادياً وعدم عرقلة مصالح المواطنين.
وعلى المنوال نفسه، جاءت إحاطة خوري أمام مجلس الأمن، حول المشاورات التي أجرتها خلال الأسابيع الماضية مع أطراف عدة، والتي لم ينتج منها سوى تكرار لإحاطات سابقة، مع إشارتها إلى ضرورة تبنّي «ميثاق» أو «اتفاق» يؤكد التزام واحترام الأطراف كافة لأيّ نتائج ستؤدي إليها الانتخابات. وتخشى المبعوثة الأممية غياب آليات تُلزم الجميع بقبول نتائج الاستحقاق في حال إتمامه، خصوصاً في ظل التعطيل المتعمّد لإجراء الانتخابات المحلية، والتي كانت «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» أطلقت عملية تسجيل الناخبين فيها أخيراً، مطالبةً السلطات بفتح المراكز في شرق ليبيا وتمكين المواطنين من التسجيل فيها.
وفيما سيجري العمل في الأسابيع المقبلة على حلحلة الأوضاع الاقتصادية في الشرق والغرب الليبيَّيْن، فإن التحدّي الأهم، وفق خوري، يكمن في الحفاظ على الوضع الأمني الهش، خصوصاً أن أي تقدُّم لم يُحرز في جهود توحيد المؤسسات العسكرية الليبية. أمّا التقدُّم الوحيد المُحرز، فيرتبط بـ«لجنة العدالة والمصالحة» التي شكّلها البرلمان والتي تعمل على مشروع قانون واحد لـ«المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية»، وسط استمرار تنسيقها مع «الاتحاد الأفريقي» الذي يعمل، بدوره، على تقديم المشورة الفنية.