قطع رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، جولته الخارجية بعد الاشتباكات المسلّحة التي دارت في طرابلس، الأسبوع الماضي، بين «قوّة دعم الاستقرار» التابعة للمجلس الرئاسي، و«اللواء 444» التابع لرئاسة الأركان في محيط منطقة صلاح الدين. وجاءت الاشتباكات التي تُعدُّ الأعنف منذ وصول الدبيبة إلى السلطة في آذار الماضي، لتضاف إلى تعقيدات تحوم حول الالتزام بموعد إجراء الانتخابات في 24 كانون الأوّل المقبل، وضغوط تُمارَس على رئيس الوزراء لتمرير ما لا يرغب في تمريره، أي السماح لسيف الإسلام القذافي بالترشُّح إلى الانتخابات الرئاسية، والتفاهم مع رئيس البرلمان، عقيلة صالح، الساعي بدوره إلى كرسيّ الرئاسة.وعلى رغم طلب الدبيبة من المدّعي العام العسكري، سرعة التحقيق في الاشتباكات وتداعياتها، إلّا أن الاجتماع الذي عُقد برئاسته مع المسؤولين العسكريين، لم يسفر عن نتائج حاسمة، في وقت تزداد الخلافات بين رئيس الحكومة والمجلس الرئاسي، الذي بات أعضاؤه داعمين لبعض الأشخاص والتيارات في الداخل، مع اقتراب موعد الانتخابات وتسليم السلطة، أملاً في الحصول على مناصب أخرى مستقبلاً. وأدّت الوساطات التي دخل فيها المغرب بالتنسيق مع أطراف آخرين، ليس من بينهم الجزائر التي استضافت أخيراً اجتماع الجوار الليبي، إلى تقارب بين عقيلة صالح وأعضاء في المجلس الرئاسي، في الوقت الذي تجرى محاولات من جانب القاهرة لتحقيق تقارب بين الدبيبة وصالح. وتسعى مصر إلى تكوين تحالف بين المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح، من أجل خوْض الانتخابات المقبلة، بما يضمن لها تحقيق مصالحها من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق استقرار عسكري ليبي يرضي حفتر ويعزّز قواته، بحيث يصبح قائداً للجيش ومرشّحاً محتملاً للرئاسة في انتخابات لاحقة.
يقاوم الدبيبة ضغوطاً لتمرير ترشُّح سيف الإسلام القذافي إلى الانتخابات الرئاسية


ومن جهة أخرى، يُنتظر أن يمثُل الدبيبة، يوم غد الثلاثاء، أمام البرلمان في جلسةٍ تُعقد في طبرق. وتأتي موافقة رئيس الوزراء على المثول أمام مجلس النواب، بعد تلقّيه تفاصيل ما سيتمّ استجوابه في شأنه: مشكلة الطاقة الكهربائية، وأزمة نقص اللقاحات، وعدم التوصُّل إلى حلّ لأزمة المرتزقة الأجانب، وتوحيد المؤسسة العسكرية، ونتائج الجولات الخارجية التي يقوم بها. وليست الضغوط على الدبيبة وتلويح البرلمان بسحب الثقة من حكومته داخلية فقط، إذ يمارس الخارج، لا سيما واشنطن والقاهرة وبعض الأطراف الأوروبيين، ضغوطاً بغرض الإسراع في وتيرة التغييرات السياسية الداخلية، وتنفيذ قرار إخراج المسلحين، في الوقت الذي يواجه الدبيبة مشكلة عدم قدرته على فرض قراراته على القادة العسكريين. وبحسب مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، هناك مخاوف لدى عدد من القادة العسكريين الذين يديرون ميليشيات مسلّحة، سواء كانت تضمّ ليبيين أو مرتزقة، من تسليم سلاحهم والتعرّض للمحاسبة مستقبلاً، الأمر الذي يدفع قادة هذه الميليشيات إلى تأمين أنفسهم عبر الاحتفاظ بالسلاح حتى إشعار آخر، في وقت يطالب كل طرف بتوفير ضمانات لحمايته بعد تسليم السلاح، وأن تُسلِّم المجموعات الأخرى سلاحها أوّلاً، فيما يرغب رئيس الوزراء بتهدئة الأوضاع وعدم الدخول في صدامات عسكرية، بخاصّة في ظلّ وجود ترسانة كبيرة من الأسلحة يملكها كل طرف، فضلاً عن وجود ألغام في بعض المناطق لا تملك الحكومة خرائطها. ويأتي ذلك في الوقت الذي تباشر اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، «5+5»، عملها في ما يتعلّق بملفّ تبادل الأسرى، وإطلاق سراح المحتجزين منذ الاشتباكات الأهلية خلال العامين الماضيين، حيث جرى أمس إطلاق سراح 7 أسرى من قوات حفتر، في مقابل 8 من قوات المنطقة الغربية التابعة للحكومة في طرابلس.