استورد لبنان في عام 2023 ما قيمته 17.5 مليار دولار وصدّر ما قيمته 2.99 مليار، أي أن العجز التجاري بلغ 14.52 مليار دولار. يمثّل استيراد السلع نحو 97.7% من الناتج المحلي الإجمالي المقدّر بحسب البنك الدولي بـ17.9 مليار دولار، بينما العجز التجاري يوازي 81% من الناتج. وهذا العجز شكّل المصدر الأكبر والأساسي في تسجيل الحساب المالي الجاري للبنان، عجزاً بلغ في عام 2023 نحو 1.98 مليار دولار.تشير إحصاءات الجمارك اللبنانية، التي صدرت أخيراً، إلى أن واردات لبنان من السلع انخفضت في عام 2023 مقارنة مع السنة السابقة بقيمة 2 مليار دولار لتبلغ 17 ملياراً. وتكاد هذه الواردات تتساوى مع متوسط السنوات العشر الأخيرة البالغ 17.8 مليار دولار. وفي المقابل، انخفضت الصادرات بقيمة 510 ملايين دولار لتبلغ 2.99 مليار دولار مقارنة مع متوسط السنوات العشر الأخيرة البالغ 3.36 مليارات دولار.
بمعنى أوضح، يمكن القول اعتماداً على هذا المؤشّر وحده، إن الاستهلاك المستورد استردّ عافيته وعاد إلى مستوياته العادية كما لو أن الأزمة ليست موجودة، لكن مقارنة الاستيراد بالناتج المحلي الإجمالي تشير إلى تركّز كبير في الاستهلاك المستورد، بل يبدو أن الناتج كلّه استهلاك مستورد بما يتجاوز متوسط السنوات العشر الأخيرة بكثير. فقد ارتفعت نسبة الاستيراد إلى الناتج لتبلغ 95% في عام 2023 مقارنة مع متوسط بنحو 50.9% في السنوات العشر الأخيرة، أي أنها تضاعفت. وهذه النسبة كانت 44.5% في عام 2014، وبين عامي 2015 و2020 كانت شبه مستقرّة على 36%، لكن مع رفع الدعم بدأت تزداد لتبلغ 59% في عام 2021 و90.5% في عام 2022 و95% في عام 2023.






ارتفاع هذه النسبة هو مؤشّر واضح إلى أن الإنتاج في لبنان تدهور، وأن الاعتماد على الإنتاج الخارجي هو أساس الاستهلاك المحلّي، وهو أمر يظهر بوضوح في مقارنة التصدير الذي تراجع إلى مستويات عام 2015. لكنه يظهر بوضوح أكبر في مسألة التمويل، إذ إن تحويلات المغتربين إلى الأسر المحلية لم تتراجع في قيمتها كثيراً بل واصلت التذبذب بين 6.4 و7.4 مليارات دولار في سنوات الأزمة الخمس (2019 - 2023) بمتوسط 6.6 مليارات دولار، لكن نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي تضاعفت من 14.3% في عام 2019 إلى 35.7% في عام 2023. أي أن الاعتماد على تحويلات المغتربين ازداد أكثر فأكثر. وتمثّل هذه التحويلات، نحو 36% من الدخل الفردي (نصيب الفرد من الناتج) البالغ بحسب البنك الدولي نحو 3350 دولاراً في عام 2023. ووفق حسابات مبسّطة، فإن نصيب الفرد الحقيقي من الناتج الإجمالي بعد إضافة تحويلات المغتربين سيزداد إلى 4580 دولاراً في عام 2023.
في المحصّلة، يبدو أن ارتفاع العجز التجاري الناتج عن استيراد مفرط ليس مؤشّراً إيجابياً، بل هو مؤشّر سلبي على أن دورة العملات الأجنبية في لبنان قصيرة جداً. فالدولارات التي تأتي إلى لبنان باتت محصورة بتحويلات المغتربين بشكل أساسي ثم من مصادر دولية وسياسية غالبيتها تأتي في قنوات واضحة، إلا أنه سرعان ما تخرج هذه الدولارات من الاقتصاد اللبناني لتموّل استيراد السلع، وبالتالي لا يكون لها أي قيمة مضافة في الاقتصاد.
وبحسب إحصاءات الجمارك، فقد استحوذ استيراد المشتقات النفطية على النسبة الكبرى من الاستيراد، إذ استورد لبنان ما قيمته 4.3 مليارات دولار (بنزين ومازوت وغاز وكاز) للطيران، بالإضافة إلى 200 مليون دولار لاستيراد الزفت والزيوت المنتجة من النفط. وتساوي هذه الواردات نحو 26% من مجمل الاستيراد في عام 2023. أيضاً تأتي واردات الذهب وسبائكه والأحجار الكريمة في المرتبة الثانية لجهة الواردات. فقد استورد لبنان لؤلؤاً بقيمة تفوق 340 مليون دولار (70 كيلوغراماً) واستورد سبائك الذهب الخام ونصفها المشغولة بقيمة تفوق 2 مليار دولار (33958 كيلوغراماً). وتمثّل واردات اللؤلؤ والذهب نحو 13.9% من مجمل الاستيراد.
يمثّل الاستيراد في عام 2023 نحو 95% من الناتج المحلي مقارنة مع 36% في سنوات ما قبل الأزمة


وفي مقابل هذه المجموعة من الواردات، فإن كل ما استورده لبنان ويمكن أن يُدرج في خانة الغذاء، يمثّل نحو 17% من مجمل الاستيراد، أو ما قيمته 2.9 مليار دولار. فقد استورد حيوانات حيّة ومنتجات حيوانية بقيمة 787 مليون دولار، ومنتجات نباتية بقيمة 945 مليون دولار، بالإضافة إلى شحوم ودهون وزيوت حيوانية أو نباتية بقيمة 221 مليون دولار، ومنتجات صناعة الأغذية بقيمة 1 مليار دولار.
اللافت أيضاً أن لبنان استورد معدات نقل بقيمة 1.15 مليار دولار، أي ما يوازي 6.75% من مجمل الواردات. وتبيّن أن 1.1 مليار دولار عائدة لاستيراد سيارات جديدة ومستعملة، وأجزاء ولوازم السيارات (كسر سيارات) وقطع غيار سيارات، وسيارات مخصّصة لنقل البضائع والركاب. بلغت قيمة استيراد السيارات السياحية من كل الفئات (الصغيرة والمتوسطة والكبيرة) ما قيمته 734 مليون دولار موزّعة على 31781 سيارة. وبلغت قيمة استيراد سيارات نقل البضائع 72 مليون دولار موزّعة على 9324 سيارة.
واستحوذ استيراد الآلات والأجهزة الكهربائية على ما نسبته 9.3% من مجمل الاستيراد بقيمة 1.6 مليار دولار. تتضمّن لائحة هذه الآلات ما هو صناعي وما هو استهلاكي. وهذا يشمل مولّدات كهربائية ومجموعات توليد وأفراناً وبطاريات وأجزاء ومكانس وأجهزة حلاقة شعر ونتف وأفراناً حرارية وآلات لحام ومكاويَ وبرادات ومكيّفات وكاميرات وأجهزة إنذار وسواها.
أيضاً استورد لبنان ما قيمته 1.26 مليار دولار منتجات صناعة كيماوية، أو ما يساوي 7.22% من مجمل الاستيراد. وهذا الأمر يشمل منتجات الصيدلة بقيمة 621 مليون دولار، والأسمدة بقيمة 43 مليون دولار، وسلّة من الزيوت ومستحضرات التجميل والعطور بقيمة 160 مليون دولار.



760 مليون دولار
هي قيمة صادرات اللؤلؤ والمعادن الثمينة من لبنان في 2023، وهو أكبر بند في الصادرات من حيث القيمة، ويبلغ حجمه 60 طناً

428.8 مليون دولار
هي قيمة صادرات المعادن العادية ومصنوعاتها في 2023، والتي تتضمّن حديد صب وحديد وصلب ومصنوعاتها بالاضافة إلى معادن أخرى مثل النحاس والنيكل والألمنيوم، وهو ثاني أكبر بند من حيث الصادرات

376 مليون دولار
هي قيمة صادرات منتجات صناعة الأغذية والمشروبات والتبغ، وهو ثالث أكبر بند من حيث الصادرات