ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، خطابه المنتظَر بشأن جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مؤكداً عدم صحّة الرواية الهشّة التي قدّمتها الرياض فجر السبت الماضي، بإعلانه أن «الجريمة الوحشيّة» التي ارتُكبت في القنصلية السعودية يوم الثاني من الشهر الحالي كان مخطّطاً لها مسبقاً. ومن دون الإتيان على ذكر اسم وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، في خطابه، اقترح أردوغان على الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، أن يُقاضى الأشخاص الـ 18 الموقوفين في الرياض على خلفية القضية، في إسطنبول، حيث وقعت الجريمة، وذلك بعدما روى تفاصيل تتعلّق بوصول 15 شخصاً من السعودية (هم من ضمن الموقوفين)، بالتزامن مع وجود خاشقجي في إسطنبول، طارحاً تساؤلات عدة بشأن هذه الجريمة، في انتظار أن تجيب عنها السلطات السعودية. ومن أبرز ما جاء في خطابه:
لدينا أدلة تشير إلى أن جريمة قتل خاشقجي كان مخططاً لها مسبقاً، وليست نتيجة اشتباك.
حتى الآن، تشير الحقائق والأدلة التي جمعناها إلى أن جمال خاشقجي كان ضحية جناية وجريمة وحشية، وهذا سيجرح ضمير الإنسانية بشكل بالغ.
رصدنا وصول 15 شخصاً إلى تركيا على متن رحلات طيران عادية وخاصة قبل الحادثة، بينهم رجال من استخبارات وأطباء شرعيون.
تم نزع القرص الصلب من كاميرات القنصلية السعودية يوم مقتل خاشقجي.
السعودية أنكرت في الرابع من الشهر الحالي مقتل خاشقجي، وأعلنت يوم السبت الماضي أنه قتل في القنصلية في اشتباك بالأيدي.
القنصل السعودي (محمد العتيبي) فتح أبواب القنصلية لوكالة «رويترز»، كما فتح بعض الخزائن أمام الكاميرات بشكل «مستهتر».
السلطات التركيّة تحقّقت من أنّ الـ 15 الذين زاروا تركيا قبل الجريمة جميعهم من بين الـ 18 الذين أعلنت السعودية توقيفهم على خلفية القضية.
السعودية اتّخذت خطوة مهمة بتأكيد جريمة خاشقجي وإيقافها المتهمين.
تركيا قامت بكل ما يتيح لها القانون الدولي من صلاحيات للتحقيق في القضية.
يجب تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في قتل خاشقجي.
أناشد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز محاكمة الـ 18 شخصاً الموقوفين في السعودية، في إسطنبول.
على اعتبار أن مقتل خاشقجي جريمة سياسية، يجب إشراك المتورطين بها من الدول الأخرى في التحقيقات.
أطالب السلطات السعودية بالكشف عن المتورطين في الجريمة من أسفل السلّم إلى أعلاه.
إلقاء اللوم على بعض رجال الأمن والاستخبارات في السعودية لن يكون مطمئناً لتركيا ولا للمجتمع الدولي.
الضمير الإنساني لن يكون مطمئناً حتى تتم محاسبة من أصدر أمر الاغتيال وكل المنفذين.

كذلك، طرح الرئيس التركي أسئلة عدة على الجانب السعودي، مشيراً إلى أن الملفّ لن يغلق ما لم تجب الرياض عن هذه الأسئلة:

لماذا اجتمع الفريق المكوّن من 15 شخصاً في إسطنبول، وبناءً على أوامر من؟
لماذا تمّ فتح القنصلية في إسطنبول للتفتيش والتحقيق بعد أيام وليس على الفور؟
لماذا تم الإدلاء بتصريحات متناقضة عن الجريمة؟
لماذا لم يعثر على جثة خاشقجي؟
من هو المتعاون المحلّي الذي سلمت الجثة إليه (وفق الرواية السعودية)؟

«إجراءات تصحيحية»
أعلنت الحكومة السعودية عزمها محاسبة من وصفتهم بـ«المقصّرين» في حادثة مقتل جمال خاشقجي، وذلك عقب خطاب الرئيس التركي الذي طالب الرياض بالكشف الكامل عن ملابسات الواقعة.
وأكّد مجلس الوزراء بعد اجتماع ترأّسه الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم، أنّ «التوجيهات والأوامر الملكية الكريمة إثر الحدث المؤسف الذي أودى بحياة المواطن جمال خاشقجي وما اتخذته المملكة من الإجراءات لاستجلاء الحقيقة، ومحاسبة المقصر كائناً من كان، تجسّد اهتمام القيادة الرشيدة وحرصها على أمن وسلامة جميع أبناء الوطن». وأضاف بيان الحكومة «عزمها على ألا تقف الإجراءات عند محاسبة المقصرين والمسؤولين المباشرين لتشمل الإجراءات التصحيحية في ذلك». وشدد على أنّ السعودية تأسّست على نهج «ترتكز أحكامه على إحقاق الحقّ وإرساء دعائم وقيم العدالة ومعاييرها وترسيخ أسسها».

واشنطن: نريد أجوبة
بعد إعلان أردوغان أن عملية قتل خاشقجي في القنصلية السعودية تم التخطيط لها بدقة، وعد نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، اليوم، بالضغط على السعودية للحصول على أجوبة بشأن مقتل الصحافي السعودي. وقال لـ«واشنطن بوست» إنّ «العالم يراقب. الشعب الأميركي يريد أجوبة وسنطالب بالحصول على هذه الأجوبة». وأضاف: «تصريحات الرئيس إردوغان صباح اليوم بأنّ هذه الجريمة الوحشية تمّت عن عمد وتمّ التخطيط لها قبل أيام، تناقض التأكيدات التي أطلقتها السعودية سابقاً»، مشيراً إلى أنها «تؤكّد تصميم إدارتنا على معرفة ما حدث». وأكد أن بلاده ستطالب بمحاسبة المسؤولين «وعندما تصبح كل الحقائق لدينا، سيتّخذ الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب قراراً يستند إلى قيم الشعب الأميركي ومصالحنا القوية الحيو