استغلّ المرشحون الجمهوريون للرئاسة الأميركية اعتداءات بروكسل للوم سياسة أوروبا حول الهجرة، والمطالبة «بمنع دخول اللاجئين المسلمين إلى الولايات المتحدة».وفي مقدّمة هؤلاء، المرشح دونالد ترامب، الذي كرّر الدعوة إلى إغلاق حدود بلاده، معتبراً أنّ ما حصل في بروكسل دليل إضافيّ على ضرورة أن تقمع الحكومات «المتطرفين بكلّ الطرق الممكنة». وفي تصريحٍ لشبكة «فوكس نيوز»، أشار ترامب إلى أن «بروكسل لم تعد نفسها»، مضيفاً أنّها «كانت مدينة جميلة وآمنة وهي الآن كارثية». ورأى أن «كل ذلك حدث بسبب انعدام الاندماج»، مشدداً على أن «علينا أن نكون حذرين جداً في الولايات المتحدة ودقيقين حيال من ندخلهم إلى البلاد».
بدوره، دعا سيناتور تكساس، تيد كروز، إلى الكف عن توطين اللاجئين في دول يسيطر تنظيم «داعش» أو «تنظيم القاعدة» على مناطق فيها، معتبراً أن الخطط لجلب عشرات آلاف السوريين الفارين من الحرب «غير منطقية». ولفت المرشح الرئاسي إلى أن «الطريقة الوحيدة لضمان أمننا» هي عبر «رئيس يضرب داعش بكامل قوته ويدمره تماماً».
كذلك، دعا حاكم أوهايو، جون كايسك، الأكثر «اعتدالاً» بين المرشحين الجمهوريين الثلاثة، الرئيس باراك أوباما إلى التحرك بسرعة «والبدء بإعادة بناء الاستخبارات التي نحتاج إليها حول العالم»، معتبراً أن «أوروبا فتحت أبوابها دون أن يكون لديها عملية تحقق مناسبة» من خلفيات اللاجئين.
من جانب ثانٍ، لم يفوت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الفرصة بالتعليق على الهجمات، فبادر إلى توظيفها لمصلحة الرؤية الإسرائيلية وخياراتها في مواجهة قوى المقاومة في المنطقة. وكما في كل محطة مشابهة، تجاوز نتنياهو الأبعاد الإنسانية التي ينطوي عليها الحدث الإرهابي كي يروج لمقولة أن الإرهاب الذي يضرب في أوروبا هو نفسه الذي يستهدف إسرائيل.
وقال: «هناك علاقة بين الهجمات الإرهابية في باريس، وكاليفورنيا، وإسطنبول، وساحل العاج، وبروكسل... وبين الهجمات اليومية في إسرائيل»، في إشارة إلى العمليات الفردية، مضيفاً: «كل هذه الهجمات هي هجوم واحد علينا جميعاً».
وفي موقف، يغلب عليه طابع الشماتة، أمل نائب وزير الأمن الإسرائيلي، إيلي بن دهان، أن «تؤدي الهجمات الإرهابية في بروكسل، إلى أن تفهم أوروبا من هو الأوروبي ومن هو المُهاجَم». وأضاف بن دهان، أن «الإرهاب الذي تعانيه أوروبا اليوم هو نفسه الذي تحاربه إسرائيل... أتمنى أن يتعلموا من إسرائيل كيفية التصرف مع الإرهابيين».
على صعيد آخر، بينما تفتح اعتداءات بروكسل الباب مجدداً أمام الحديث عن تعديلات في القوانين الأوروبية وزيادة مستوى المراقبة على الأفراد في دول الاتحاد الأوروبي، وجّه مجلس الشيوخ الفرنسي، أمس، ضربة قاسية للإصلاح الدستوري الذي اقترحه الرئيس فرنسوا هولاند، بعد اعتداءات باريس من خلال تعديل مادة حول إسقاط الجنسية عن المدانين في قضايا إرهاب.
وتبنّى مجلس الشيوخ، الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية هذا الإجراء المثير للجدل، لكن بمضمون مختلف عن الجمعية الوطنية حيث الغالبية اليسارية، كما في الحكومة «الاشتراكية». وقال زعيم «الاشتراكيين» في مجلس الشيوخ، ديدييه غييوم، إن مستقبل المشروع «لم يعد رهناً بالمجلسين، بل يتوقف على اجتماع لرئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيسي مجلسي البرلمان». وأضاف أن اجتماعاً بين المسؤولين الأربعة قد يعقد، اليوم، في قصر الإليزيه.
وبعد ساعات على هجوم بروكسل، أكّد رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أنه يرغب في «مواصلة التقدم والنقاش» مشيراً إلى «مبادرات» من السلطة التنفيذية. وتابع «لست أهدد، لكن هذا الأمر ضروري: لن يتفهم الفرنسيون عجز الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ والأكثرية، والمعارضة عن التوصل إلى اتفاق».
وكان هولاند قد أعرب عقب اعتداءات باريس، في تشرين الثاني، عن رغبته في تعديل الدستور ليدرج فيه نظام حال الطوارئ، مع توسيع إجراء إسقاط الجنسية ليشمل كل المدانين بقضايا «إرهاب»، الذين يحملون جنسية مزدوجة، حتى وإن ولدوا في فرنسا.
وتبنّى النّواب النص بعد سحب الإشارة الصريحة إلى حاملي الجنسية المزدوجة، لتبديد قلق نواب اليسار المترددين. ولكن عاد أعضاء مجلس الشيوخ وأدخلوه مجدداً إلى النص.
(الأخبار، أ ف ب)