موسكو | طغى الحديث، في اليومين الماضيين، عن إحراز تقدُّم في المحادثات الروسية - الأوكرانية الجارية في بيلاروس، بهدف وضع حدٍّ للاقتتال الدائر بين الجانبين. وفي أعقاب تصريح للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تحدّث فيه عن حصول "بعض التحوّلات الإيجابية" في المفاوضات، أشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى أن موسكو تبنّت "نهجاً مختلفاً بشكل جوهري" عن توجُّهاتها السابقة خلال المفاوضات، موضحاً أنه، خلال الجلسات الأخيرة، "بدأنا الحديث"، ولم تَعُد روسيا "تُصدِر الإنذارات فقط".وفي انتظار التئام طاولة التفاوض وانطلاق الجلسة الرابعة بين الوفدَين الروسي والأوكراني، كشف الكرملين أن المحادثات متواصلة ولم تنقطع. وبدت لافتة أيضاً إشارة الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إلى احتمال عقْد لقاء مباشر بين الرئيسَين الروسي والأوكراني، على رغم تشديده على ضرورة أن يكون لقاءٌ من هذا النوع محدّد الأهداف والنتائج. وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الروسية، "تاس"، عن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قوله إن بلاده تسعى جاهدة إلى تنظيم قمّة بين الرئيسَين، مؤكداً أن بوتين "لا يعارض، من حيث المبدأ، هذه الفكرة، وهو ما أعرب عنه للرئيس التركي (رجب طيب إردوغان) خلال مباحثاتهما الهاتفية... أما الجانب الأوكراني، فهو موافق على الفكرة تماماً".
وفيما يرفض الطرفان الإفصاح عما تمّ التوصُّل إليه، حتى الآن، بين الوفدَين المفاوضين الروسي والأوكراني، تحدّث عضو الوفد الروسي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، عن وجود تقدُّم جدّي في المفاوضات، خصوصاً في المجالَين العسكري والإنساني. ولفت سلوتسكي، في تصريح إلى قناة "روسيا اليوم"، إلى "وجود تقدُّم في المفاوضات يحتمل أن يؤدّي إلى موقف واحد للتوقيع على وثائق ثنائية"، قائلاً إنه سيكون "للوثائق دور مهمّ في تسوية الأزمة القائمة". من جهته، أعلن مستشار الرئيس الأوكراني، ميخائيل بودولياك، أن طرفَي المفاوضات يعملان على إضفاء الطابع الرسمي على بعض المناقشات حول القضايا الرئيسة قبل استئناف التفاوض. وقال بودولاك، في مقابلة مع صحيفة "كوميرسانت"، إنه "حالما يتمّ وضْع صيَغ قانونية متبادَلة، سيحدَّد موعد اجتماع الجولة الرابعة"، موضحاً أن الجانبين ناقشا جميع القضايا. وكشف أن "هناك العديد من المقترحات المطروحة الآن على طاولة التفاوض، ومنها التسوية السياسية، والأهم التسوية العسكرية"، مبيّناً أن الأمور تقترب من حلول وسط. وبحسب بودولاك، فإن "التسوية المستقبلية الروسية - الأوكرانية يجب أن تكون شاملة، وأن تتضمّن استحالة تكرار الأعمال العدائية ضدّ أوكرانيا، إلى جانب ضمانات أمنية تراعي مطالب الاتحاد الروسي، بخاصّة تلك المتعلّقة بالتحالفات العسكرية العالمية". وأضاف أن رئيسَي البلدين سيوقّعان على الوثيقة النهائية، مع أرجحية أن تشارك دول ثالثة معنية بالوضع حول أوكرانيا "بشكل مباشر وغير مباشر".
تسعى تركيا إلى تنظيم قمّة بين الرئيسَين الروسي والأوكراني


وتعليقاً على ما سبق، أكد خبراء روس أنه بناءً على التصريحات الصادرة من موسكو وكييف، يمكن الحديث عن أن عملية التفاوض تمضي قُدُماً. ولفت مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد، فاسيلي كاشين، في تصريح إلى "كومرسانت"، إلى أن العملية العسكرية الروسية "تمضي على وقع النضال الديبلوماسي النشط".
ميدانياً، بدا لافتاً تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، عن أن القوافل التي ستنقل السلاح إلى أوكرانيا ستكون هدفاً مشروعاً لموسكو، وأن بلاده حذّرت واشنطن من مغبّة مدّ أوكرانيا بالسلاح. وكشفت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها دمّرت المركز الرئيس لاستخبارات الإشارة الأوكرانية في بروفاري، والمطار العسكري في فاسيلكيف. وأضافت أن الجنود الروس سيواصلون البحث عن منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي تخلّت عنها القوات الأوكرانية. في الإطار نفسه، كشفت مصادر إعلامية أوكرانية وروسية، أن الجيش الروسي قصف معسكر "يافوروفسكي" الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة لفيف قرب حدود بولندا. ووصفت وسائل إعلام روسية المعسكر بأنه "بؤرة لمدرّبي حلف الناتو"، ويضمّ "المركز الدولي لحفظ السلام والأمن" الذي تقول روسيا إن مدربين عسكريين من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا ودول البلطيق يعملون فيه على تدريب عناصر كتيبتَي "أيدار" و"آزوف" القوميتَين. وفي وقت لاحق، أكدت وزارة الدفاع الروسية واقعة القصف تلك.
إلى ذلك، شدّدت القوات الروسية الخناق على كييف، إذ قالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن القوات الروسية الموجودة في ضواحي العاصمة تحاول تحييد المناطق المحيطة بها من أجل "محاصرتها". وأفادت قوات دونيتسك بأنها تطوّق مدينة ماريوبول (جنوب شرق)، بالكامل بعد فرار القوات الأوكرانية إلى زاباروجيا.