شارك آلاف الأميركيين الغاضبين من عمليات إطلاق النار في مدارسهم، يوم أمس (السبت)، في مسيرات ضخمة انطلقت في عدة مدن وبلدات بأنحاء مختلفة من الولايات المتحدة، استجابة لنداء طلاب ثانوية «مارجوري ستونمان دوغلاس» العليا في بارك لاند بولاية فلوريدا، نجوا الشهر الماضي من عملية إطلاق نار دامية قتل فيها 17 شخصاً. وفي واحدة من أكبر تظاهرات الشباب في الولايات المتحدة منذ عقود، تجمّعت الحشود في شارع بنسلفانيا في العاصمة واشنطن للمطالبة بتشديد الرقابة على حيازة الأسلحة في البلاد، وبهدف كسر الجمود التشريعي الذي يعرقل، منذ وقتٍ طويل، حظر بيع الأسلحة. وقبل بداية التظاهرة الرئيسية بساعات، احتشد آلاف المواطنين بين البيت الأبيض ومبنى الكونغرس حاملين الملصقات واللافتات. وتحولت الحملة إلى حركة احتجاجات شاملة في جميع أنحاء البلاد، انضم إليها كثير من الآباء والأمهات والمعلمين، إذ شملت التظاهرات أتلانتا، بوسطن، شيكاغو، سينسيناتي، دالاس، هيوستن، لوس انجلس، ميامي، منيابولس، ناشفيل وسياتل ومدن أخرى. وقدر المنظمون لشبكة «أن بي سي» عدد المشاركين بـ800 ألف، بينما قارب عددهم 175 ألفاً في شوارع نيويورك وحدها، بحسب رئيس بلدية المدينة بيل دي بلازيو.
مسيرة واشنطن تعد واحدة من أكبر تظاهرات الشباب في أميركا منذ عقود(أ ف ب )

مطالب وأهداف
تهدف المسيرات إلى إنهاء مأزق تشريعي يعرقل، منذ عقود، تشديد القيود المفروضة على بيع الأسلحة في بلد صارت فيه حوادث إطلاق النار شائعة، خصوصاً في المدارس والجامعات.
ويطالب منظمو حملة «مسيرة من أجل حياتنا» بحظر بيع الأسلحة الهجومية مثل تلك التي استخدمها مطلق النار في باركلاند، وحظر بيع خزائن السلاح عالية القدرة وسدّ الثغرات في نظام التحري عن مشتري السلاح في الولايات المتحدة. وبحسب المتظاهرين، فإن القيادة الشبابية لهذه المبادرة هو ما سوف يميزها عن المحاولات السابقة لسن تشريع أقوى لمكافحة التسلح.
وفي سعيهم لتحويل حراكهم للسيطرة على حيازة الأسلحة إلى قوة سياسية نافذة، نشر منظمو المسيرات رابطاً على موقعهم الالكتروني لحث أنصارهم على التسجيل للانتخابات. وكتب على إحدى اللافتات «فلتكن أصواتنا الانتخابية سلاحنا الأفضل».
ومنذ عملية إطلاق النار في باركلاند، لم تدخل ولاية فلوريدا والكونغرس إلا تعديلات متواضعة على قوانين حيازة الأسلحة، فيما قوبل اقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتسليح الأساتذة وتدريبهم على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعن الطلاب في حال وقع هجوم على المدرسة برفضٍ واسع.
ورغم أن عملية إطلاق النار التي وقعت في فلوريدا هي التي أطلقت الحراك، إلا أنه ما لبث أن توسّع ليتناول مشكلة العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية بشكلٍ عام في بلد يشهد أكثر من 30 ألف حالة وفاة سنوياً سببها الأسلحة النارية.

تكريم ضحايا «ستونمان دوغلاس»
في إحدى حدائق بلدة باركلاند في فلوريدا، تجمع الآلاف لتكريم ذكرى الضحايا الـ17 الذين قتلوا في ثانوية «ستونمان دوغلاس» في 14 شباط/ فبراير.
ومن بين المشاركين في المسيرة سامانثا مايور (17 عاماً)، التي تعرضت لإطلاق نار في ركبتها ولا تزال تتعافى من إصابتها. ورفعت لافتة كتب عليها «أتظاهر لأني كنت على وشك أن يتم إسكاتي». أما والدتها ايلن، فرفعت لافتة كتب عليها «أتظاهر حتى لا يسمع والد أو والدة أخرى عبارة أمي تعرضت لإطلاق نار».

مشاهير ينضمون للاحتجاجات
حظي الطلبة المسؤولون عن تنظيم المسيرة بالإشادة، وتلقوا مساندة معنوية وتبرعات نقدية من عشرات المشاهير، من بينهم الممثل جورج كلوني وزوجته المحامية الحقوقية أمل علم الدين، اللذان تبرعا بمبلغ 500 ألف دولار، والمخرج سيتفن سبيلبرغ. كما أرسل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، رسالة مدح إلى تلاميذ مدرسة باركلاند، قال فيها إنهم ساعدوا بحملتهم «على إيقاظ ضمير الأمة»، فيما اعتبر الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، أن بلاده يجب أن تكون شاكرة لهؤلاء التلاميذ ومن يسير معهم.
وفي نيويورك، حضر عضو فرقة الـ«بيتلز» السابقة، بول مكارتني، إلى المسيرة التي انطلقت على مقربة من حديقة «سنترال بارك» مرتدياً قميصاً كتب عليه «بإمكاننا إنهاء العنف المرتكب باستخدام الأسلحة النارية»، مستذكراً العضو الآخر في الفرقة جون لينون، الذي قتل بإطلاق النار عليه في المدينة في كانون الأول/ ديسمبر 1980.

الممثلة الكوميدية آيمي شومير تشارك في مسيرة كاليفورنيا(أ ف ب )


مجزرة «ستونمان دوغلاس»
في 14 فبراير/ شباط، قُتل 17 شخصاً وأصيب 14 آخرون بإطلاق نار في مدرسة «مارجوري ستونمان دوغلاس» في منطقة باركلاند بولاية فلوريدا. تسبب مطلق النار الطالب، نيكولاس كروز (19 عاماً)، بأسوأ مجزرة مدرسية تشهدها البلاد منذ مجزرة مدرسة «ساندي هوك» قبل ست سنوات، تلك التي قتل فيها 26 شخصاً، بعدما أقدم على قتل عدد من زملائه بواسطة بندقية هجومية نصف آلية كان حصل على رخصة لشرائها.