عموماً، لا تقلّ المواصفات لأجهزة التلفاز التي تصنّعها شركات دخلت حديثاً الى السوق عن تلك العائدة لأسماء معروفة. فالتقنية العادية باتت رخيصة إجمالاً وانتاج أجهزة بمواصفات جيدة ليس حكراً على كبرى الشركات فقط.لكن المشكلة الأساسية في هذه الأجهزة هي الصيانة بعد البيع. فقطع الغيار، على الأرجح، غير متوافرة.

وليس المقصود القطع الأساسية الداخلية فقط، بل حتى الأكسسوارات المرافقة كجهاز التحكّم عن بعد (ريموت كونترول) على سبيل المثال، إذ إن الشركات المستوردة لهذه الأجهزة، ومن بينها شركات من أهم المستوردين للأجهزة الكهربائية المنزلية، تستورد الأجهزة من دون قطع غيار، ما قد يضطر الشاري الى الانتظار أشهراً عدة للحصول على جهاز التحكم فقط. لذا لا ينصح بشراء هذه الأجهزة، والأفضل التوجه الى شركات لديها ممثلون في السوق المحليّة ومراكز معتمدة للصيانة.
ولكن حتى في حال اختيرت هذه الماركات، فإن ذلك لا يجعل اختيار الأجهزة سهلاً. إذ غالباً ما يروّج للمواصفات بأرقام قد لا يعرف الشاري ما الذي تعنيه تقنياً، ومن بين هذه المواصفات "التردد" الذي يقاس بالهيرتز. فنقرأ على الملصقات 600Hz و200 Hz.
من الناحية التقنية، يعبّر التردد عن عدد المرات التي تتغير فيها الصورة في الثانية “refreshing rate”، وتأثيره الفعلي يظهر من خلال ثبات الصورة أو تموّجها. لذلك، إذا كان الشاري قادراً على شراء جهاز بتردد 600Hz فهذا جيد، لا سيما في الأجهزة ذات الحجم الكبير، أما الفارق بين الترددات الأصغر أي 120Hz و140Hz فليس ذا تأثير حقيقي، ولا تمكن ملاحظته بالعين المجرّدة، لذلك لا ينصح بإضاعة الوقت على هذه الميزة لأنها ليست ميزة حقيقية.
ماذا إذاً عن المواصفات الأخرى، وأيهما الأفضل: LED أو LCD؟
تجب بداية معرفة آلية عمل كل من التقنيتين، فالـ LCD تعني شاشات الكريستال السائل وهي التي تعمل إضاءتها من خلال الفلوريسان البارد المثبت في خلفية الشاشة، وهي تعطي إضاءة جيدة إجمالاً وتساعد في إظهار الألوان بصورة نقية، أما LED فتعني “Lights Emitted Diodes” (الصمامات الباعثة للضوء) وهي مثبتة على خلفية الشاشة وتضيء بطريقة ذكية بحسب الألوان المطلوبة، ما يجعل الألوان أكثر نقاء من LCD وأقل استهلاكاً للطاقة. وهذه الأجهزة مثالية لمن لديه مشكلة في مصروف الطاقة، وينصح بتشغيلها على خزانات الطاقة المنزلية (UPS وAPS)، لكن ثمنها بالتأكيد أعلى من LCD بمعدل يراوح بين 25 و30 في المئة.
يجب أن يعرف المشتري كيف
يوفّق بين التقنية اللازمة والحجم اللازم والميزانية الموضوعة مسبقاً، وبهذه الطريقة يمكنه أن يشتري التلفاز المناسب له

أما بالنسبة إلى OLED فهي قريبة من الـ LED نظرياً، وتدخل في صناعتها مواد عضوية تتفاعل مع الكهرباء وتسمح بتخزين الطاقة. ومن أهم مواصفاتها أنها لا تحتاج لتشغيلها أكثر من 20 فولتاً، ما يجعلها مثالية للتوفير الكهربائي وصديقة للبيئة، والأهم أنها تعطي مجالاً أوسع للرؤية يصل إلى 120 درجة بفاعلية ونحو 160 درجة بفاعلية أقل. كما أن ألوانها أكثر سطوعاً. لكن تكلفتها أعلى من LED وLCD بشكل كبير، لذلك إذا لم يكن المشتري في حاجة إلى زاوية رؤية كبيرة (كأن يكون موقع التلفاز في وسط الغرفة ومرئياً بما لا يزيد عن 100 درجة، فلا حاجة فعلية إليها).
أما بالنسبة إلى البلازما فالأمر يختلف جذرياً. فشاشات البلازما مؤلفة من خلايا فوسفورية صغيرة تضاء بحسب الإشارة الكهربائية الآتية، ما يجعلها تعطي جودة عالية جداً في الألوان تتفوق على شاشات LCD زتنافس بقوة LED. لكن شاشات البلازما تعاني من مشكلة ظهور البيكسيلات على الشاشة، وتظهر كنقاط صغيرة واضحة للعين من مسافة قصيرة، لذا إن كان موقع التلفاز قريباً من موقع المشاهدة لا ينصح بهذه الشاشات. أما إذا كانت المسافة بعيدة فإنها تعطي إضاءة وألواناً لا مثيل لها. أما المشكلة الثانية في البلازما فهي أنها تحتاج الكثير من الطاقة على عكس الفئات الأخرى. علماً بأن شاشات البلازما نوعان، الأول يأتي بخلفية سوداء وهي الافضل، والثانية بخلفية رمادية وهي تعاني من مشكلة انعكاس الضوء عليها فتصبح المشاهدة سيئة فعلاً إن كان موضع التلفاز معرضاً للضوء الخارجي. غير أن الشاشات السوداء لم تعد متوافرة بكثرة في الأسواق مع نفاد الكميات المصنوعة وعدم تصنيع معظم الشركات لشاشات البلازما من جديد.
أما من ناحية دقة الصورة أو ما يعرف بالـ resolution فهي أيضاً تحتاج إلى انتباه. إذ يُفضّل أن تكون الشاشات full HD كحد أدنى وهو ما يعني عملياً 1080p ما يمكن قراءته على ملصق التلفاز، وهذه الدقة هي المثالية لمشاهدة صورة بوضوح كامل وأسعارها مقبولة نسبياً، غير أن بعض الشركات طوّرت دقة أكبر باهظة الثمن وهي UHD وما يسمى بالـ 4k. لكن مشكلة هذه الدقة أنها لا تفيد عملياً بشيء لأنه لا توجد محطات بعد تبث بهذه الدقة، وبالكاد يستطيع الإنسان أن يجد فيلماً صور أصلاً بهذه التقنية (رغم صدور عدد كبير من الكاميرات بهذه الدقة ومنها كاميرات Black magic). لهذا لا ينصح بشراء أجهزة 4K حالياً ولو أن الأمر سيكون بديهياً بعد سنوات، حيث التكلفة ستقل وخيارات البث بهذه التقنية ستزيد أيضاً.
بعد اختيار نوعية الشاشة ماذا عن الحجم، واي حجم يناسب الصالات أو غرف النوم؟
يقال إنه كلما كبرت الشاشة كلما زادت متعة المشاهدة، وهذا صحيح. لكن في العادة، تحسب الشاشات بحسب بُعد الأريكة او المشاهد عن الشاشة، فلا ينصح بالشاشات الصغيرة (32 بوصة) إذا كان موقع المشاهد يزيد عن متر ونصف متر عن التلفاز، لأن التفاصيل الصغيرة ستصعب ملاحظتها، أما شاشات من 40 إلى 46 بوصة فهي مثالية لمسافة تصل إلى مترين أو أكثر بقليل أما إذا زادت المسافة عن ذلك فلا بد من شاشات أكبر بحجم 52 أو 60 بوصة ولمشاهدة أفضل ينصح بأن توضع الشاشة بشكل يكون منتصفها على حدود العين، لأن الدقة المثالية يحصل عليها المشاهد في حال نظر بخط مستقيم إلى الشاشة.
وبعد تحديد كل هذا ننتقل إلى التلفاز الذكي أو الثلاثي الأبعاد، وهي تقنية باتت متوافرة بكثرة في السوق. في المبدأ يجب أن يحدد الشخص كم هو في العادة متعلق بالأجهزة الذكية وإن كان فعلاً مولّعاً بالتجارب الكاملة، فهل يستخدم أصلاً هاتفه الذكي بمواصفاته الكاملة؟ وهل شعر يوماً ما بأنه في حاجة لأن يعمل بين الهاتف والتلفاز بصورة متزامنة، وهل فعلاً سيستخدم التطبيقات الموجودة في أجهزة التلفاز الذكية؟ إن كان الجواب نعم، فبالتأكيد عليه أن يشتري تلفازاً ذكياً لأن ذلك سيمنحه تجربة لا مثيل لها، لكن إن لم يكن متعلقاً بتلك التقنيات، فإنه سيدفع ثمناً باهظاً لذكاء لن يستخدمه.
والأمر كذلك بالنسبة للأجهزة الثلاثية الأبعاد، فإن مشاهدة مباراة بالأبعاد الثلاثة هي تجربة ممتازة والأمر ذاته ينطبق على الأفلام. لكن على المشاهد أن يسأل نفسه إذا كان مستعداً لشراء أفلام ثلاثية الابعاد يزيد سعرها عن الأفلام العادية، وإن كان جهاز إرسال الستالايت لديه (أو الموزّع) يعطي محطات كافية بتلك التقنية ليستفيد من التجربة، والا لا لزوم لها. وفي كل الأحوال، لا ينصح بشراء شاشات ثلاثية الأبعاد بمقاسات صغيرة لأن المتعة ستضيع، وينصح أيضاً باختيار جهاز يكون الإطار الخارجي حول الشاشة صغيراً لمتعة كاملة في المشاهدة لأن الكادر يؤثر سلباً وبشكل كبير في الشاشات الثلاثية الأبعاد.
لكن في النهاية، يجب أن يعرف المشتري كيف يوفّق بين التقنية اللازمة والحجم اللازم والميزانية الموضوعة مسبقاً، وبهذه الطريقة يمكنه أن يشتري التلفاز المناسب له، لكن عليه ألا ينسى أن التلفاز عادة ما يستخدم لسبع سنوات كمعدل وسطي فلا بأس إن زاد قليلاً في ميزانيته ليشتري تقنية جيدة.