ريف دمشق | سنة مضت على تحرير الجيش السوري بلدة النبك القلمونية والانطلاق منها، يومها، باتجاه يبرود. ربيع هذا العام شهد انتهاء معركة القلمون الغربي، إلا أنّ شهره الأخير يشهد بوادر انطلاق معركة جديدة في القلمون الشرقي. الفصائل المسلحة (المتمثلة في جيش الإسلام، وحركة أحرار الشام، وجبهة النصرة، والمجلس العسكري، وجيش أسود الشرقية) التي تتخذ من مناطق البترا، والناصرية، وجيرود، والرحيبة قواعد وجود أعلنت منذ أيام انطلاقها بمعركة جديدة، وهي التي أطلقت معارك فاشلة سابقة حملت أسماء «الويل للطغاة» و«عواصف الصحراء».
المعركة حالياً تهدف إلى التصدي لما سمّته تلك المجموعات «الخطر القادم من قبل قوات الجيش السوري وتنظيم داعش». بحسب بيان بثّه ناشطون، جاء فيه أن تلك الفصائل وحّدت أعمالها القتالية في القلمون الشرقي ضمن غرفة عمليات مشتركة. مصدر ميداني قال لـ«الأخبار» إنّ الحراك المكثف للمسلحين أخيراً يهدف إلى الدخول مجدداً إلى النبك، عصب القلمون الحيوي. وهو ما يتزامن مع محاولات مستمرة من المجموعات المحاصرة في الجرود الغربية المقابلة للجغرافيا، ما بين فليطا وعسال الورد.
الجيش السوري يتّخذ من الهضاب والتلال قواعد صدّ استراتيجية، يتحكم من خلالها في السهول والجرود في ما بينها، تمكّنه أيضاً من إتمام عمليات الرصد الاستخباري التي تسهم في تنفيد عمليات استباقية تحبط محاولات تحرك أو تسلل للمسلحين. مصدر ميداني أفاد «الأخبار» بأنّ إحدى تلك العمليات أفشلت عملية تمويه للمسلحين هدفت إلى إيهام الجيش بأن تحركاً يعدّ له في القلمون الشرقي، إلا أن المتابعة كشفت عن عملية تسلل يُعدّ لها في الجرود الغربية وتعاملت معها القوات فوراً.
في تلك الصحراء، تتحالف «النصرة» مع مجموعات «جيش الإسلام» لاسترداد كيانهم المحطم في القلمون وفتح المعابر في اتجاه الغوطة، تلك المعابر التي أغلقت بشكل كامل بعد سيطرة الجيش السوري على منطقة عدرا، الأمر الذي يصفه أحد القادة الميدانيين بمحاولة انتحار جماعي إلى حد كبير. المجموعات التي تنطلق من البترا والمحسة باتجاه جبال القلمون الشرقي، تصطدم بقواعد عسكرية كبيرة للجيش من قوات مشاة ومدرعات ودفاع جوي، تنتشر في المنطقة الممتدة من جبال النبك ودير عطية والحميرة باتجاه الناصرية، إضافة إلى الطوق المعقد الذي تفرضه وحدات الجيش على الغوطة الشرقية.
البترا التي تبعد عن العاصمة دمشق نحو 50 كيلو متراً، شكّلت ملجأً لعدد من قيادات وعناصر مجموعات مختلفة توغلت في البادية بعد هزائم لها في الغوطة والقلمون. البترا التي ترتبط جغرافياً مع بئر القصب في الجنوب الشرقي باتت قاعدة تخزين وإمداد لوجستي تصل إلى القلمون والغوطة في ما سبق، ما يعزز ذلك اتصالهما الجغرافي مع العراق والاردن. مصدر متابع أفاد «الأخبار» بأنّ معركة «داعش» في بئر القصب لا يمكن فصلها عمّا يحدث في القلمون الشرقي، وذلك لفتح بوابات جغرافية تصلها بالجنوب السوري، لكنّ مسلحي «جيش الاسلام» و«أسود الشرقية» سيطروا على المنطقة، أمس، بعد اشتباكات عنيفة مع مجموعات بايعت «داعش».