وكأنّ قدر سكان حيّ الزهراء في حمص لملمة أشلاء شهدائهم، وتمضية الوقت بانتقاد لا طائل منه لـ«الجهات المختصة» وممارسة «النقد الذاتي»، ريثما يحل موعد التفجير التالي، فهل سيتغير شيء؟
للمرّة الثالثة خلال أقل من شهر ونصف شهر يتمكّن تنظيم «داعش» الإرهابي من الضرب مجدداً في حيّ الزهراء الحمصي، ليستشهد 28 مواطناً، ويجرح العشرات.
وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إنه في أعقاب تفجير انتحاري يقود «بيك ـ أب» مزود برشاش «دوشكا» نفسَه بالقرب من موقف سيارات وحاجز أمني في شارع الستين، استغلّ انتحاري آخر تجمهر المواطنين لإسعاف المصابين، وبدأ بالهتاف ضد تقصير الأجهزة الأمنية قبل أن يلتف حوله عدد من المواطنين ويفجّر نفسه فيهم.
سامر الحسين، الطالب الجامعي، كان موجوداً على مقربة من المكان، يقول: «حاول الشهيد سمير سخية إبعاد الناس عن موقع التفجير الأول بإطلاق النار في الهواء، فقام شخص (الانتحاري) بالاقتراب منه والهتاف ضد المحافظ والأمن فعاد بعضهم للتجمع ففجر نفسه».

فشل أم عجز أمني؟
العجز الأمني وفق المواطنين الغاضبين بات يتطلب حلاً جذرياً لما تعانيه حمص، وبالأخص حيّ الزهراء، من اختراقات أمنية مكلفة جداً على الصعيد الإنساني، في وقت لم تتمكن فيه «الجهات المختصة» من توفير ما يلزم من أجهزة كشف متفجرات واستخدامها على الحواجز، التي ينتقدها المواطنون بشدة، نظراً إلى أن مهمة بعضها «قبض المعلوم» من السيارات العابرة، وخصوصاً المحملة بالبضائع. ويلفت رابح حيلوني، أحد سكان الحيّ، لـ«الأخبار»، إلى أنّ ما يحدث فشل وعجز أمني، «الحواجز هي باب للاسترزاق من السيارات، وهنالك أجهزة في بعض الحواجز، ولكن لا يستخدمها العناصر لأنها ستقضي على الابتزاز المالي بحجة التفتيش». ويشير إلى أنّ « تسعيرة مرور سيارة السوزوكي الصغيرة المحملة بالخضر 200 ليرة (نصف دولار أميركي)، ويرتفع المبلغ باطّراد مع وزن الشاحنة وحمولتها».
بدوره، قال أسامة إبراهيم، الذي جرح شقيقه وتضرر منزل عائلته نتيجة الانفجار: «هنالك فشل أمني واضح، ومنذ وضع الحاجز قرب منزلنا توقعنا أن يحصل الاستهداف هنا. المشكلة بحاجة لحل جذري». وفي الهجوم المزدوج السابق، بلغ الغضب أوجه لتكرار الاعتداء على بعد عشرات الأمتار من الاعتداء السابق وبالطريقة نفسها (سيارة إسعاف مفخخة وانتحاري آخر يفجر نفسه بعد تجمهر المواطنين). وإثر ذلك، أُغلق مدخل الحي المؤدي إلى مركز المدينة وأُعيد حاجز إلى شارع الستين، وجرى التشدد في تفتيش السيارات المدنية.
ويبدو أن عيون تنظيم «داعش» تراقب عن كثب، فبعد استنفاد طريق السيارات المدنية وسيارات الإسعاف، ها هو يستخدم سيارة مزوّدة برشاش للمرور على الخط العسكري وفق التحقيقات الأولية.